HashtNasht
06/06/2005, 02:33
لماذا نحن هنا؟
ليس هناك سبب. أكثر الناسِ لا يَستطيعونَ قُبُول هذا الجوابِ. تَطوّرتْ الحياةُ الإنسانيةُ كليَّاً بِالصُّدفَة،و لَيْسَ لها أي ُ معنى جوهريُ، و لَيْسَ لهُا أيضاً قيمةُ أعظمُ أَو أقلُ مِنْ أيّ أشكال الحياةِ الأخرى الذي جاءَ إلى الوجود أبداً.
ماذا عن الروح الإنسانية؟
الروح أسطورة اخترعها الدينِ لتعزيز تصور الإنسان ِالمضخم لذاته . ليس هناك روح خالدة. إنها بطريقة أخرى تعبير عن الاعتقاد بالحياة مجدداً ما بعد الموت،و الذي أسطورةُ دينيةُ أخرى مجرّدة.
كَيْفَ نَعطي لحياتِنا معنى ؟
من خلال أعمالِنا. البعض قَدْ يَختارونَ المُحَاوَلَة لجعل العالمِ مكان أفضل للآخرين (النظرة الخيرية).
و البعض الآخر قد يحاول أن يجعل العالم مكاناً أفضل لنفسه هو(النظرة الأنانية).
و الغالبية ستحاول على الأكثر أن توازن بين النظرتين السابقتين .
المهم دائماً هو أن تكون متحمساً لنظرتك الخاصةِ و أن تعبر عنها بصدق مهما كانت .
ربما لا يكون هناك معنى جوهري للحياة ، لكن هذا لا يَعْني أبداً بأنّ الحياةِ لا تساوي تَعِيشُ.
نتيجة الإلحاد رقم 1 - أنت هالك !
هذه حقاً هي أقسى نتيجة يتوجب على الملحدين الجدد التعامل معها .
منذ أول بادرة للوعي شرفت العقل البشري ، خَافَ الناسَ من الموت . تقريباً جميع الحضارات المبكّرة اخترعت بَعْض الطرقِ للتَعَامُل مع هذا الخوفِ. اعتقد البعضَ بأنّه عندما تَمُوتُ، أنت سَتُخْلَقُ ثانية بشكل آخر من الحياةِ ِ. الآخرون اعتقدوا بأنّك ستغادر الأرضَ كشبح مَفْصُول عن الجسد أو ما يسمى بالروح . آمنَ الآخرونُ بنوع من يوم الحساب ِ، فأنت تَدْخلُ نعمةَ أبديّةَ أَو تذهب إلى عقابِ أبديِ على أعمالِكَ أثناء الحياةِ. كُلّ هذه الاعتقادات تَشتركُ فيما بينها من حيث المضمون و هو ببساطة الخلود , و الخلود فكرة جميلة في الحقيقة ، ليس هناك مزيد من الحاجةِ للخَوْف من الموتِ، حتى أنه يمكنك القول أنه لا وجود للموت حقيقة. حتى في تلك الأديانِ التي تتبنى مفهوم "الجحيمِ"، أنت ما زِلتَ حيَّ إلى الأبد. خالد ، أنت تتألم و ستعاني إلى ما لا نهاية، لَكنَّك ما زِلتَ حيّاً.
مع الإلحادِ، عليك أن ترمي كل هذه الأكاذيب المريحة بعيداً ، و أن تواجه بنفسك هذه الحقيقة العنيدة القاسية الحقيقة التي تقول أنك ستموت يوماً ما .و أن هذا الموتِ لَنْ يَكُونَ انتقالا بين حياتِكَ الحاليةِ وحياتِكَ القادمةِ، هو سَيَكُونُ نهايةَ كُلّ ما هو أنت . بلا شك الفكرة مخيفة ، لكن بعد أن تتأمل هذه الفكرة لفترة ، سَتُدركُ أن المُلحدين يُقيّمونَ ويَحترمونَ الحياةً أكثر مِما تحترمها الأديان ، الملحد يعلم أن لديه وقت قصير فقط على هذا الكوكب , و عليه أن يحسن استخدامه طالما أنه مازال يملكه .
بالطبع، هذا يعري كذبة أخرى من أكاذيب الدين المريحة - فالناس الذين ماتوا قد ماتوا و رحلوا فعلاً و نحن لن نلتقي بهم مجدداً . قد يَكُونَ من الصعبً ، إنْ لمْ نقل من المستحيل، أن يتقبل البعض هذه الفكرة و هذا بلا شك سيجعل الكثيرين يرفضون الإلحاد و أن يختاروا بدلاً من ذلك التعلق بأوهام الدين .
هناك ثلاثة أسبابِ تجعل هذه الفكرة صعبة القبول هي:
1- خسارة الأحباءِ - أباء، أجداد، أخوات، إخوة، أَو أصدقاء، الذين ماتوا، و رحلوا . نحن لَنْ نَراهم ثانيةً. أسلافنا، العقول العظيمة مِنْ ماضينا، هم لا ينتظروننا على الجانب الآخر . ولَنْ يكون هناك إعادة لمّ شمل عظيم بعد الموتِ.
2- لا مسؤوليةَ - الناس الذين ارتكبوا الشرور و الجرائم العظيمة أثناء حياتِهم , هم سوف لَنْ يتلقوا أي نوع من أنواع العقاب بعد موتهم. أدولف هتلر مثلاً هرب من كل مسؤولية أو عقوبة عندما أنهى حياته قبل أن يؤسر . ليس هناك عدالة في مثل هذه الحالاتِ، لا عقوبةَ.
3- لا جائزةَ - الجانب الثاني مِنْ المادةِ السابقةِ. أنت لَنْ تُكافئُ لأيّ أعمال جيدة أدّيتَها في حياتِكَ. أنت لَنْ تُكافئُ لمتابعة تعليماتِ دينك ومعيشتكِ على نحو ديني.
هذه الحقائقِ تكون عادةً صعبة القبول، رغم ذلك عليك أَنْ تَقْبلَ كُلّ هذه الحقائق قبل أَنْ يكون بمقدورك التقدم أبعد نحو الإلحادِ.
نتيجة الإلحاد رقم 2 - أنت مسئول عن أعمالِكَ !
الادعاء بأن "الشيطان هو من وسوس لي أن أفعل هذا " غير مقبول هنا . كُلّ رجل مسئول عن قراراتِه الخاصةِ، و ليس من الممكن بعد إلقاء اللوم على الشياطينِ المخفيةِ.
إن الاعتراف و الإقرار بالخطأ يكون مؤلماً - هذه طبيعة إنسانية . بَعْض الناسِ عاجزون عن الاعتراف بأخطائهم . في 1870، أعلنَ الفاتيكان مذهب عصمة البابا، والذي هو باختصار، الادعاء بأن كل ما يقوله البابا هو حقيقة غير قابلة للدحض . هذا، بالطبع، هراء. لأنه لا يوجد إنسانَ معصومُ، و البابا هو إنسان في النهاية َ, أما محاولة إلقاء مسؤولية أعمالك على شخص ما أو شئ ما خارج عنك فهو عمل يمكن وصفه بدقة على أنه جبان .
النقطة الأخرى المثيرة للاهتمام هنا هي ادعاء بعض الناس بقدرتهم على التواصل مع الله أو حتى تلقي التعليمات و الإيحاءات منه مباشرة ( مثل البابا مثلاً ) و هذا ما يعتبر طريقة محكمة للتبرأ من المسؤوليات بطريقة مشابهة لمبدأ ( الشيطان هو من وسوس لي بفعل هذا )
على سبيل المثال فإن أحد الوصايا العشر المسيحية تقول ( لا تقتل ) و رغم هذا فقد قتلت المسيحية الكثير من البشر في القرون الماضية , و الآن كيف يمكن للمسيحية تسوية هذه المسألة ؟ إذاً ُلا مشكلة عندما تقتل شخصاً ما في خدمة الله فلست أنت حقاً من يقتل ، أنت ببساطة أداة الله التي تنفذ تعاليمه المقدسة .
إن هذه الفلسفة الدينية ليست تضليلية فحسب , بل هي فلسفة خطيرة أيضاً عندما توظف من قبل الأصوليين .
نتيجة الإلحادِ رقم 3 - البشر كائنات حيوانية !
تَضِعُ أكثر الأديانِ البشر ِفي مرتبة أعلى من أشكالِ الحياة الأخرىِ على هذا الكوكبِ. على سبيل المثال، يُجادلُ المسيحيين بشكل متغطرس بأنّ الأرضَ صُمّمتْ خصوصاً للبشرِ، والتي كُلّ الحياة الحيوانية مجهّزةُ إما من أجل خدمتنا أو تغذيتنا. لكن ألا يبدو هذا الطرح شاذاً ؟ هل أن كوكباً يغطي ثلثي مساحته الماء و قطبين متجمدين في الشمال و الجنوب هو كوكب أعد خصيصاً للبشر ؟ إذا كنت تبني مسكناً مخصصاً لعائلتك , هل ستبذل جهدك لكي تكون اثنتان من أصل كل ثلاثة غرف غير صالحة للسكن ؟
العِلْم يُعلّمُنا أن الحياة تطورت ببطء, عبر عدة ملايين من السنوات ، وأن الإنسان هو شكل ذكي من أشكال القرد استطاع أن يطور قدرته على التواصل و توصيل المفاهيم الصعبة و بناء الآلات المدهشة .
على الرغم مِنْ هذا، نحن فقط شكل آخر من أشكال الحياةِ الحيوانيةِ على هذا الكوكبِ. و لا شئ هنا يدعو للخجل ، إنها فقط حقيقة بسيطة . أذكرها هنا لأن معظم الأديان لديها صعوبة كبيرة في تقبل هذه الحقيقة . إن الانطباع الأول لهذه الحقيقة يجعلنا نشعر نوعاً ما بالذل , إنها حقيقة تخدش كبرياء الأنا الإنسانية ، لكن في النهاية علينا أن نتقبل حقيقة أن الإنسان هو حيوان ذكي .
العيش في عالم ملحد ....ماذا عن الأخلاق ؟؟
يعتقد البعض بأنه لا أخلاق بدون دين أو أن الأخلاق بدون دين تشكل تناقضاً . إلا أن هذا الاعتقاد يحمل مغالطة حقيقية إن حقيقة المسألة هي أن ما يعرف بال ( أخلاق ) هي قوانين استبدادية فرضت على الجماهير من قبل الأعضاء الأقوى ( السلطوية ) في المجتمع . ما "الصواب" وما "الخاطئ"؟ هل هناك إمكانية لإعداد قائمة غير قابلة للدحضَ , قائمة مُطلقةَ بما هو أخلاقي و ما هو لا أخلاقي ؟ لا أعتقد ذلك .
إن مفهوم الفرد عن ما هو ( صحيح ) و ما هو ( خاطئ ) يخضع تماماً لتجارب الفرد و تربيته و نشأته . إن الأعضاء الأقوى في المجتمع سيجمعون مفاهيمهم عن الأخلاق بشكل محكم و دقيق تبعاً لنظرتهم , لكن هذه المفاهيم ستكون بشكل أو بآخر مفاهيم اعتباطية و غير مناسبة بالنسبة لأفراد آخرين من المجتمع أو من مجتمعات أخرى .
و بنفس الطريقة يمكننا أن نفهم كيف أن الأخلاق التي يفرضها الدين هي مفاهيم اعتباطية إذا ما قدمت للبشرية كلها على حد سواء. كما أن الأخلاق الدينية لَيستْ أفضل مِنْ الأخلاقِ الإلحاديةِ.
أظهرت إحصائية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1990 أن 10% من سكان الولايات المتحدة من الملحدين . في نفس الفترة أجري مسح لعدد الملحدين المتواجدين في السجون الأمريكية فوجد أن نسبة الملحدين أقربِ إلى 1 % من كجموع المحكومين . و يمكننا من هذه الإحصائية أن نتوقع أن الملحدين في الولايات المتحدة عام 1990 كانوا يتمتعون بأخلاق عالية . و ربما أفضل من أخلاق المؤمنين .
باعتقادي الخاص فأن كل فرد يصوغ خلال حياته مبادئه الأخلاقية الخاصة , أحياناً تتطابق هذه القيم الأخلاقية مع القيم التي يفرضها القانون الإقليمي أو قانون المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ، و أحياناً أخرى تتطابق و بشكل دقيق مع مفهوم الدين الذي يتبعه الفرد ، لكن هذا لا يغير من أن مفهوم الأخلاق يختلف من فرد لآخر كما تختلف بلورات الجليد . و عندما نتبنى المفاهيم الأخلاقية لشخص آخر , فإننا نقبل ما يتوافق مع مفاهيمنا و نتجاهل ما يتعارض . على سبيل المثال، العصيان المدني هي وسيلة رائجة جداً للتعبير عن رفض القوانين , فهو رغم كونه حركة تخالف القانون و ترفضه إلا أنه لا يجعلك تشعر بأي حال من الأحوال أنك مجرم .
أما أن يعتقد البعض بأنه بجرد قولهم أنهم متدينين فأنهم يصبحون بشكل تلقائي أخلاقيين فهو قول يمكن وصفه بأحسن الأحوال بأنه مثير للضحك , و بأسوأ الأحوال بأنه كذب و تضليل .
و الحالات التي تتحدث عن حالات لا أخلاقية لرجال دين و متدينين كثيرة جداً و لا تخفى على أحد .
أسطورة الخير مقابل الشر :
إن القصص الدينية التي ترويها كتب الأديان , تعاني من نقطة ضعف مشتركة , و هي أنها تتناول غالباً مجموعة بسيطة من الناس بعضهم يتصفون بأنهم أشرار تماماً و بشكل كلي يجعلك تفكر بضرورة هزيمتهم , وبعضهم الآخر خيَر و بشكل كلي , الأمر الذي يدفعك للوقوف معهم و الرغبة بأن تكون في صفهم.
في الحقيقة إن هذه النماذج هي نماذج نادرة جداً في الواقع إن لم تكن نماذج خيالية بحتة .
إن حوافز كل شخص تصاغ انطلاقاً من تجاربه الشخصية الخاصة . فعندما يتعارض شخصان , أو مجموعتان في المصالح أو الطموحات , تكون النتيجة نزاع بين الطرفين ، شفوي أحياناً، و مادي أحيانا أخرى. و خلال هذا النزاع سيسعى كل جانب إلى إبراز الصورة ( الشيطانية ) للطرف الآخر رغبة منه بكسب التأييد و الدعم في نزاعه . و النتيجة في النهاية هي مجموعة من الدعايات و الأكاذيب و الضلالات , و إن مقولة ( التاريخ يكتبه المنتصرون ) نابعة تماماً من هذه النقطة . و الجانب الذي سيربح النزاع سيتمكن من نشر قصته و تصوره عن النزاع بشكل أكبر بكثير من الطرف الخاسر .
من النادر مثلاً أن يشار إلى الفظائع التي ارتكبتها جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية , و يمكننا أن نتخيل أنه لو انتصرت ألمانيا في الحرب لكانت صورة الحلفاء مختلفة تماماً الآن .
مَجمُوعَة المَبَادِئ الأخلاقِيَّة الإلحادية؟
ليس هناك مجموعة واحدة . أنا لا أَعتقدُ أنه من المكن إعداد مجموعة مبادئ أخلاقية مطلقة ، ولا أَعتقدُ بأنّ أيّ مَجمُوعَة مَبَادِئ أخلاقِيَّة، مهما كانت جيدة و متكاملة، يمكن أن يتبعها حرفيا جميع مناصريها .
بَعْض القواعدِ والقوانينِ يجب أنْ تُشرّع لمصلحة المجتمعَ، لكن حتى هذه لَيستْ ثوابت . الأخلاق مفهوم يتغير تبعاً للجغرافيا و التاريخ , و الملحد يستطيع أن يبني كغيره مفاهيمه الأخلاقية تبعاً لتجاربه و خبراته . و لا داعي للتذكير دائماً بأنه لا تعارض لأبداً بين الإلحاد و الأخلاق , بل أن هذا التعارض كثيراً ما يكون قائماً بين الدين و الأخلاق .
مترجـــــــــم بتصرف :D
ليس هناك سبب. أكثر الناسِ لا يَستطيعونَ قُبُول هذا الجوابِ. تَطوّرتْ الحياةُ الإنسانيةُ كليَّاً بِالصُّدفَة،و لَيْسَ لها أي ُ معنى جوهريُ، و لَيْسَ لهُا أيضاً قيمةُ أعظمُ أَو أقلُ مِنْ أيّ أشكال الحياةِ الأخرى الذي جاءَ إلى الوجود أبداً.
ماذا عن الروح الإنسانية؟
الروح أسطورة اخترعها الدينِ لتعزيز تصور الإنسان ِالمضخم لذاته . ليس هناك روح خالدة. إنها بطريقة أخرى تعبير عن الاعتقاد بالحياة مجدداً ما بعد الموت،و الذي أسطورةُ دينيةُ أخرى مجرّدة.
كَيْفَ نَعطي لحياتِنا معنى ؟
من خلال أعمالِنا. البعض قَدْ يَختارونَ المُحَاوَلَة لجعل العالمِ مكان أفضل للآخرين (النظرة الخيرية).
و البعض الآخر قد يحاول أن يجعل العالم مكاناً أفضل لنفسه هو(النظرة الأنانية).
و الغالبية ستحاول على الأكثر أن توازن بين النظرتين السابقتين .
المهم دائماً هو أن تكون متحمساً لنظرتك الخاصةِ و أن تعبر عنها بصدق مهما كانت .
ربما لا يكون هناك معنى جوهري للحياة ، لكن هذا لا يَعْني أبداً بأنّ الحياةِ لا تساوي تَعِيشُ.
نتيجة الإلحاد رقم 1 - أنت هالك !
هذه حقاً هي أقسى نتيجة يتوجب على الملحدين الجدد التعامل معها .
منذ أول بادرة للوعي شرفت العقل البشري ، خَافَ الناسَ من الموت . تقريباً جميع الحضارات المبكّرة اخترعت بَعْض الطرقِ للتَعَامُل مع هذا الخوفِ. اعتقد البعضَ بأنّه عندما تَمُوتُ، أنت سَتُخْلَقُ ثانية بشكل آخر من الحياةِ ِ. الآخرون اعتقدوا بأنّك ستغادر الأرضَ كشبح مَفْصُول عن الجسد أو ما يسمى بالروح . آمنَ الآخرونُ بنوع من يوم الحساب ِ، فأنت تَدْخلُ نعمةَ أبديّةَ أَو تذهب إلى عقابِ أبديِ على أعمالِكَ أثناء الحياةِ. كُلّ هذه الاعتقادات تَشتركُ فيما بينها من حيث المضمون و هو ببساطة الخلود , و الخلود فكرة جميلة في الحقيقة ، ليس هناك مزيد من الحاجةِ للخَوْف من الموتِ، حتى أنه يمكنك القول أنه لا وجود للموت حقيقة. حتى في تلك الأديانِ التي تتبنى مفهوم "الجحيمِ"، أنت ما زِلتَ حيَّ إلى الأبد. خالد ، أنت تتألم و ستعاني إلى ما لا نهاية، لَكنَّك ما زِلتَ حيّاً.
مع الإلحادِ، عليك أن ترمي كل هذه الأكاذيب المريحة بعيداً ، و أن تواجه بنفسك هذه الحقيقة العنيدة القاسية الحقيقة التي تقول أنك ستموت يوماً ما .و أن هذا الموتِ لَنْ يَكُونَ انتقالا بين حياتِكَ الحاليةِ وحياتِكَ القادمةِ، هو سَيَكُونُ نهايةَ كُلّ ما هو أنت . بلا شك الفكرة مخيفة ، لكن بعد أن تتأمل هذه الفكرة لفترة ، سَتُدركُ أن المُلحدين يُقيّمونَ ويَحترمونَ الحياةً أكثر مِما تحترمها الأديان ، الملحد يعلم أن لديه وقت قصير فقط على هذا الكوكب , و عليه أن يحسن استخدامه طالما أنه مازال يملكه .
بالطبع، هذا يعري كذبة أخرى من أكاذيب الدين المريحة - فالناس الذين ماتوا قد ماتوا و رحلوا فعلاً و نحن لن نلتقي بهم مجدداً . قد يَكُونَ من الصعبً ، إنْ لمْ نقل من المستحيل، أن يتقبل البعض هذه الفكرة و هذا بلا شك سيجعل الكثيرين يرفضون الإلحاد و أن يختاروا بدلاً من ذلك التعلق بأوهام الدين .
هناك ثلاثة أسبابِ تجعل هذه الفكرة صعبة القبول هي:
1- خسارة الأحباءِ - أباء، أجداد، أخوات، إخوة، أَو أصدقاء، الذين ماتوا، و رحلوا . نحن لَنْ نَراهم ثانيةً. أسلافنا، العقول العظيمة مِنْ ماضينا، هم لا ينتظروننا على الجانب الآخر . ولَنْ يكون هناك إعادة لمّ شمل عظيم بعد الموتِ.
2- لا مسؤوليةَ - الناس الذين ارتكبوا الشرور و الجرائم العظيمة أثناء حياتِهم , هم سوف لَنْ يتلقوا أي نوع من أنواع العقاب بعد موتهم. أدولف هتلر مثلاً هرب من كل مسؤولية أو عقوبة عندما أنهى حياته قبل أن يؤسر . ليس هناك عدالة في مثل هذه الحالاتِ، لا عقوبةَ.
3- لا جائزةَ - الجانب الثاني مِنْ المادةِ السابقةِ. أنت لَنْ تُكافئُ لأيّ أعمال جيدة أدّيتَها في حياتِكَ. أنت لَنْ تُكافئُ لمتابعة تعليماتِ دينك ومعيشتكِ على نحو ديني.
هذه الحقائقِ تكون عادةً صعبة القبول، رغم ذلك عليك أَنْ تَقْبلَ كُلّ هذه الحقائق قبل أَنْ يكون بمقدورك التقدم أبعد نحو الإلحادِ.
نتيجة الإلحاد رقم 2 - أنت مسئول عن أعمالِكَ !
الادعاء بأن "الشيطان هو من وسوس لي أن أفعل هذا " غير مقبول هنا . كُلّ رجل مسئول عن قراراتِه الخاصةِ، و ليس من الممكن بعد إلقاء اللوم على الشياطينِ المخفيةِ.
إن الاعتراف و الإقرار بالخطأ يكون مؤلماً - هذه طبيعة إنسانية . بَعْض الناسِ عاجزون عن الاعتراف بأخطائهم . في 1870، أعلنَ الفاتيكان مذهب عصمة البابا، والذي هو باختصار، الادعاء بأن كل ما يقوله البابا هو حقيقة غير قابلة للدحض . هذا، بالطبع، هراء. لأنه لا يوجد إنسانَ معصومُ، و البابا هو إنسان في النهاية َ, أما محاولة إلقاء مسؤولية أعمالك على شخص ما أو شئ ما خارج عنك فهو عمل يمكن وصفه بدقة على أنه جبان .
النقطة الأخرى المثيرة للاهتمام هنا هي ادعاء بعض الناس بقدرتهم على التواصل مع الله أو حتى تلقي التعليمات و الإيحاءات منه مباشرة ( مثل البابا مثلاً ) و هذا ما يعتبر طريقة محكمة للتبرأ من المسؤوليات بطريقة مشابهة لمبدأ ( الشيطان هو من وسوس لي بفعل هذا )
على سبيل المثال فإن أحد الوصايا العشر المسيحية تقول ( لا تقتل ) و رغم هذا فقد قتلت المسيحية الكثير من البشر في القرون الماضية , و الآن كيف يمكن للمسيحية تسوية هذه المسألة ؟ إذاً ُلا مشكلة عندما تقتل شخصاً ما في خدمة الله فلست أنت حقاً من يقتل ، أنت ببساطة أداة الله التي تنفذ تعاليمه المقدسة .
إن هذه الفلسفة الدينية ليست تضليلية فحسب , بل هي فلسفة خطيرة أيضاً عندما توظف من قبل الأصوليين .
نتيجة الإلحادِ رقم 3 - البشر كائنات حيوانية !
تَضِعُ أكثر الأديانِ البشر ِفي مرتبة أعلى من أشكالِ الحياة الأخرىِ على هذا الكوكبِ. على سبيل المثال، يُجادلُ المسيحيين بشكل متغطرس بأنّ الأرضَ صُمّمتْ خصوصاً للبشرِ، والتي كُلّ الحياة الحيوانية مجهّزةُ إما من أجل خدمتنا أو تغذيتنا. لكن ألا يبدو هذا الطرح شاذاً ؟ هل أن كوكباً يغطي ثلثي مساحته الماء و قطبين متجمدين في الشمال و الجنوب هو كوكب أعد خصيصاً للبشر ؟ إذا كنت تبني مسكناً مخصصاً لعائلتك , هل ستبذل جهدك لكي تكون اثنتان من أصل كل ثلاثة غرف غير صالحة للسكن ؟
العِلْم يُعلّمُنا أن الحياة تطورت ببطء, عبر عدة ملايين من السنوات ، وأن الإنسان هو شكل ذكي من أشكال القرد استطاع أن يطور قدرته على التواصل و توصيل المفاهيم الصعبة و بناء الآلات المدهشة .
على الرغم مِنْ هذا، نحن فقط شكل آخر من أشكال الحياةِ الحيوانيةِ على هذا الكوكبِ. و لا شئ هنا يدعو للخجل ، إنها فقط حقيقة بسيطة . أذكرها هنا لأن معظم الأديان لديها صعوبة كبيرة في تقبل هذه الحقيقة . إن الانطباع الأول لهذه الحقيقة يجعلنا نشعر نوعاً ما بالذل , إنها حقيقة تخدش كبرياء الأنا الإنسانية ، لكن في النهاية علينا أن نتقبل حقيقة أن الإنسان هو حيوان ذكي .
العيش في عالم ملحد ....ماذا عن الأخلاق ؟؟
يعتقد البعض بأنه لا أخلاق بدون دين أو أن الأخلاق بدون دين تشكل تناقضاً . إلا أن هذا الاعتقاد يحمل مغالطة حقيقية إن حقيقة المسألة هي أن ما يعرف بال ( أخلاق ) هي قوانين استبدادية فرضت على الجماهير من قبل الأعضاء الأقوى ( السلطوية ) في المجتمع . ما "الصواب" وما "الخاطئ"؟ هل هناك إمكانية لإعداد قائمة غير قابلة للدحضَ , قائمة مُطلقةَ بما هو أخلاقي و ما هو لا أخلاقي ؟ لا أعتقد ذلك .
إن مفهوم الفرد عن ما هو ( صحيح ) و ما هو ( خاطئ ) يخضع تماماً لتجارب الفرد و تربيته و نشأته . إن الأعضاء الأقوى في المجتمع سيجمعون مفاهيمهم عن الأخلاق بشكل محكم و دقيق تبعاً لنظرتهم , لكن هذه المفاهيم ستكون بشكل أو بآخر مفاهيم اعتباطية و غير مناسبة بالنسبة لأفراد آخرين من المجتمع أو من مجتمعات أخرى .
و بنفس الطريقة يمكننا أن نفهم كيف أن الأخلاق التي يفرضها الدين هي مفاهيم اعتباطية إذا ما قدمت للبشرية كلها على حد سواء. كما أن الأخلاق الدينية لَيستْ أفضل مِنْ الأخلاقِ الإلحاديةِ.
أظهرت إحصائية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1990 أن 10% من سكان الولايات المتحدة من الملحدين . في نفس الفترة أجري مسح لعدد الملحدين المتواجدين في السجون الأمريكية فوجد أن نسبة الملحدين أقربِ إلى 1 % من كجموع المحكومين . و يمكننا من هذه الإحصائية أن نتوقع أن الملحدين في الولايات المتحدة عام 1990 كانوا يتمتعون بأخلاق عالية . و ربما أفضل من أخلاق المؤمنين .
باعتقادي الخاص فأن كل فرد يصوغ خلال حياته مبادئه الأخلاقية الخاصة , أحياناً تتطابق هذه القيم الأخلاقية مع القيم التي يفرضها القانون الإقليمي أو قانون المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ، و أحياناً أخرى تتطابق و بشكل دقيق مع مفهوم الدين الذي يتبعه الفرد ، لكن هذا لا يغير من أن مفهوم الأخلاق يختلف من فرد لآخر كما تختلف بلورات الجليد . و عندما نتبنى المفاهيم الأخلاقية لشخص آخر , فإننا نقبل ما يتوافق مع مفاهيمنا و نتجاهل ما يتعارض . على سبيل المثال، العصيان المدني هي وسيلة رائجة جداً للتعبير عن رفض القوانين , فهو رغم كونه حركة تخالف القانون و ترفضه إلا أنه لا يجعلك تشعر بأي حال من الأحوال أنك مجرم .
أما أن يعتقد البعض بأنه بجرد قولهم أنهم متدينين فأنهم يصبحون بشكل تلقائي أخلاقيين فهو قول يمكن وصفه بأحسن الأحوال بأنه مثير للضحك , و بأسوأ الأحوال بأنه كذب و تضليل .
و الحالات التي تتحدث عن حالات لا أخلاقية لرجال دين و متدينين كثيرة جداً و لا تخفى على أحد .
أسطورة الخير مقابل الشر :
إن القصص الدينية التي ترويها كتب الأديان , تعاني من نقطة ضعف مشتركة , و هي أنها تتناول غالباً مجموعة بسيطة من الناس بعضهم يتصفون بأنهم أشرار تماماً و بشكل كلي يجعلك تفكر بضرورة هزيمتهم , وبعضهم الآخر خيَر و بشكل كلي , الأمر الذي يدفعك للوقوف معهم و الرغبة بأن تكون في صفهم.
في الحقيقة إن هذه النماذج هي نماذج نادرة جداً في الواقع إن لم تكن نماذج خيالية بحتة .
إن حوافز كل شخص تصاغ انطلاقاً من تجاربه الشخصية الخاصة . فعندما يتعارض شخصان , أو مجموعتان في المصالح أو الطموحات , تكون النتيجة نزاع بين الطرفين ، شفوي أحياناً، و مادي أحيانا أخرى. و خلال هذا النزاع سيسعى كل جانب إلى إبراز الصورة ( الشيطانية ) للطرف الآخر رغبة منه بكسب التأييد و الدعم في نزاعه . و النتيجة في النهاية هي مجموعة من الدعايات و الأكاذيب و الضلالات , و إن مقولة ( التاريخ يكتبه المنتصرون ) نابعة تماماً من هذه النقطة . و الجانب الذي سيربح النزاع سيتمكن من نشر قصته و تصوره عن النزاع بشكل أكبر بكثير من الطرف الخاسر .
من النادر مثلاً أن يشار إلى الفظائع التي ارتكبتها جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية , و يمكننا أن نتخيل أنه لو انتصرت ألمانيا في الحرب لكانت صورة الحلفاء مختلفة تماماً الآن .
مَجمُوعَة المَبَادِئ الأخلاقِيَّة الإلحادية؟
ليس هناك مجموعة واحدة . أنا لا أَعتقدُ أنه من المكن إعداد مجموعة مبادئ أخلاقية مطلقة ، ولا أَعتقدُ بأنّ أيّ مَجمُوعَة مَبَادِئ أخلاقِيَّة، مهما كانت جيدة و متكاملة، يمكن أن يتبعها حرفيا جميع مناصريها .
بَعْض القواعدِ والقوانينِ يجب أنْ تُشرّع لمصلحة المجتمعَ، لكن حتى هذه لَيستْ ثوابت . الأخلاق مفهوم يتغير تبعاً للجغرافيا و التاريخ , و الملحد يستطيع أن يبني كغيره مفاهيمه الأخلاقية تبعاً لتجاربه و خبراته . و لا داعي للتذكير دائماً بأنه لا تعارض لأبداً بين الإلحاد و الأخلاق , بل أن هذا التعارض كثيراً ما يكون قائماً بين الدين و الأخلاق .
مترجـــــــــم بتصرف :D