-
دخول

عرض كامل الموضوع : أمنية ... وبئر قديم


nwar1
21/11/2006, 20:07
أأُمنية... وبئر قديم
من كتابات
ري دون كارسون
ترجمة عطية صالح الأوجلي

قَدِمَت للبئر في يوم عاصف عندما كان نور الشمس يُرقّطُ صخوره النهرية.
عَشِقَ مَلمسَ أقدامِها على خشب الأرضيةِ ، حافية وعصبية . نقرات دافئة وسريعة جداً.
أَحبَ وميضَ اليأس في خدودِها.
سيُساعدُها إن أمكنه ذلك.

كانت تَصْقلُ شَعراً بِلَون الخريف تسْحبُه وراء شحمة أذنَها.
دَفَعت بيدها إلى جيوبِ بنطالها القطني الأزرق. تلفتت حولها، حبس البئر أنفاسه كي لا تحس بوجوده.
يعلم حاجتها للوحدة.
أغْلقَت عينيها.
لفلت الشفاهُ الحمراء الأرجوانيةَ بدقة حول الكلماتِ المَهْمُوسةِ:
” أَتمنّى أنّ يحبني. ”
سحبت عملة معدنية، رفرف وميضها الأزرق تحت السماء .
نقرتها بأصابعها فسقطت في البئرِ. أصدرت العملة صفيرا؛
ازداد الصوتُ اكتمالا في سقوطه.
صدى، مثل قرعة طبل،
ابتلعه البئر.
……….
تَعتقدُ بأنّ هذا سيجعل شخصاً ما يَقعُ في حبّها، ...كم هي مخطئة..! ………
أنه لطالما عزز…..
نفايات الريح المبعثرةِ ,
أو كوة في السماء كانت تزهو يوما ما,
أو شجرة حمراء طويلة لم تنل غايتها من ماء المطر,
أو سطلا يتدلى بثقوب الصدأِ الأحمر.
لكن السحر…….لا.
.............
لقد رأت سنون عمره العابرين المتلصصين المبتهجين،
الضفائر المجدولة ،
شفاهاً تلمس رِقاباً عاريةِ،
لحماً يتشابك،
و…آهٍ…..الكثير من الوعودِ.
لكنه لم ير أبدا سحراً يجلب الحب.
تنهّدَ.
تسارع الحفيف صعودا من البئرِ،
فبعث الدفء والرطوبة في خياشيمها المتوهّجة،
وآثار خصلة شَعرِ برتقالي داكن مِنْ جبهة تناثر عليها النمش .
ابتسمت الفتاة.
ابتهجت.
أسرعت في الابتعاد.
كانت رُؤية الأمل في عيونها لا تحتمل .
تمنى لو كان قادرا على البكاء.
………
تقاطعت سنون عمره مع طرق أحباء آخرين .
كان هناك أيضاً بضْع عذارى،
عدداً مِنْ المهووسين بالسينما.
كانوا عندما يأتون، يَتْركونَ ….
علبَ البيرة المَسْحُوقة، باردة وحادةّ على أرضيته.
رماد خانق مِنْ المشاعلِ.
طلقات نارية فارغة.
آه كم يفتقد تلك الرياح التي تزيل النفايات.
هم على الأقل لا يَطلبون منه ما لا يَستطيعُ منحه.
………
عادت إليه في يومِ عاصفِ آخرِ. وجهها نحيف أكثر من ذي قبل ، أردافها أكثر امتلاء،
وشَعرها الخريفي أقصر الآن — كستنائي اللون، مشذّب بلون رمادي.
خطوات قدميها في الصندل بدت أكثر ثقة عندما اقتربت مِنْ البئرِ.
مدت يدها إلى جيبِ “ شورتها ” لتسحب عملة معدنية.
ابتسمت، ابتسامة رضا باهتة بينما ارتجف هو فزعا.
باعدت بين إبهامها والسبّابة ؛ سقطت العملة في حنجرته.
بينما كان يبتلعها ، داعبت هي بأصابع مشذّبة حجارةَ فتحة البئرِ.
……
“ شكراً لك ,” هْمست، وخَبت بعيداً.
ري دون كارسون:
تنتمي هذه الكاتبة إلى جيل من الكتاب الالكترونيين إن صح التعبير الذين وجدت أعمالهم انتشارا واسعا على صفحات الشبكة العنكبوتية. فهم يعملون من خارج المؤسسات الثقافية الكبري التي تهمين على النشر. هذا وقد شدت الكاتبة الأمريكية الشابة ري دون كارسون ( مواليد 1973) الانتباه إليها بعد نشر مجموعة من القصص القصيرة التي تميزت بشاعرية الكلمة وطرافة الموقف وعمق المشاعر الإنسانية..
أرجو ان تنال إعجابكم
ونرتقي بالمنتدى لمستوى أعلى