-
PDA

عرض كامل الموضوع : كلمة التجمع الوطني الديمقراطي: محمد ديب كور


حسون
16/05/2005, 22:25
أيها الأخوة

جئنا نحيي سنديانة وحدوية عادت إلى جذورها في عروس الفرات ، دير الزور, المدينة العاشقة، حد التصوف للعروبة ، والمحتضنة دوماً للهم القومي على

امتداد الوطن الكبير من أوراس المجد في الجزائر إلى فلوجة الإباء والشهادة في أرض الرافدين .

لم يكن المناضل جاسم علوان وعشرات ألوف السوريين الآخرين منفيين وحدهم خارج الوطن طوال ما يزيد على أربعة عقود ، فحسب ، بل كان شعبنا بأكمله منفياً وما يزال ،على أرض وطنه ، بفضل التطبيق السرمدي لحالة الطوارئ والأحكام العرفية ، التي نزعت السياسة عن المجتمع وهبطت به إلى مادون السياسة ، لتخلو الساحة لنظام الحزب الواحد ، نظام القمع الشمولي وفروع المخابرات ، الذي نجح للأسف في تفريغ أبناء الشعب من مواطنيتهم وتحويلهم إلى رعية مذعنة مشلولة بالخوف ، بل ونجح حتى في تفريغ شعاراته من مضمونها .

فعوضاً عن الوحدة ، تكرس الانفصال ، بل وتعززت الولاءات ما قبل القومية من عشائرية وطائفية وإثنية . وغيبت الحرية عن المواطن فلا حرية للصحافة والتعبير والرأي والاجتماع والتظاهر والإضراب وتشكيل النقابات والأحزاب ....وثلمت حرية الوطن باستمرار احتلال العدو الصهيوني لجولاننا الغالي . أما التطبيق الاشتراكي المزعوم فقد هبط بأكثر من نصف الشعب إلى ما دون خط الفقر ، وتحولت مؤسسات القطاع العام إلى إقطاعات نهب منظم، وانتشر الفساد والتهريب وتكرست المحسوبية وعمت الرشوة ووصلت البطالة إلى 30 بالمئة.

يعاني النظام العربي، نظام الاستنقاع القطري ،من أزمات سياسية واقتصادية ومجتمعية متواصلة متفاقمة ، حفزت التحالف الأنكلو سكسوني – الصهيوني على المضي قدما في تنفيذ مخططاتهم العدوانية ضد وطننا العربي، الهادفة إلى تأمين مصالح الإمبرياليين الأمريكان في السيطرة على النفط واستمرار العمل بنظام البترو دولار الذي يسمح لها بامتصاص دماء الشعوب ، وذلك لتأمين الكيان الصهيوني وعملقته ، من خلال تفتيت كيانات سايكس بيكو وتحول إسرائيل إلى إمبريالية فرعية مما يعني انتقال عبء بقائها اقتصادياً من كاهل الغرب إلى كاهل شعوب المنطقة .

كل ذلك تحت يافطة " الشرق الأوسط الكبير " ونشر الديمقراطية فيه .إن ديمقراطية بوش المزعومة تتجلى في التجربة العراقية ، حيث لم يكتف الاحتلال البغيض بإسقاط النظام هناك بل ارتكب أيضاً جريمة تدمير الدولة العراقية ، ثم فبرك أخيراً انتخابات هوليودية ليس فيها من الديمقراطية سوى العربدة والمحاصصة الطائفية والعرقية المرتبطة بوجود الاحتلال وبالتحالف معه إلى درجة خلو ما يسمى بالجمعية الوطنية من صوت نائب واحد يطالب بوضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال من البلد .

واليوم مع تفاقم التهديدات والأخطار المحيقة بوطننا ، نؤكد في التجمع الوطني الديمقراطي في سورية على أن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لمواجهة هذه الأخطار . لأننا بالديمقراطية نستطيع تحصين الوطن والدفاع عنه بأيدي مواطنين أحرار متساوين جميعا بالحقوق والواجبات ، يعيشون وحدة وطنية حقيقية في ظل دولة الحق والقانون والمؤسسات الدستورية .أما اللجوء إلى مناورات فات زمانها وتقديم سلسلة من التنازلات لا تنتهي فإنها لن تجدي فتيلا في ممانعة مشاريع العدوان الخارجي .

إن العزف ـ على وتيرة العقلانية الاستسلامية ، و لا جدوى المقاومة ، واحتضار القومية العربية ، والتقوقع القطري ، و" محاربة الإرهاب العالمي " ، وغض النظر عن إرهاب الدولة المنظم والمدجج بأحدث تقنيات القتل والدمار الذي تمارسه الدولة الصهيونية وأمريكا ـ الذي يقوم به الليبراليون العرب الجدد والمراهنون على ديمقراطية " بوش ". كل ذلك لن يجلب ديمقراطية بأفضل مما أتت به المعارضة العراقية في الخارج ، القادمة للوطن على دبابات الاحتلال.

وكذلك فإن المتاجرة بشعار " لا صوت يعلو على صوت المعركة " المزعوم حيث ما من مؤشرات للنظام على استعداد لمعركة وإنما هرولة لتقديم تنازلات ، أو التبرير بأن شعبنا لم يبلغ سن الرشد لممارسة الديمقراطية ، أو أن لنا خصوصية مزعومة لا تؤهلنا للديمقراطية . أو تبرير حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية ومصادرة حريات الشعب ومؤسسات المجتمع المدني بالهجمة الإمبريالية أو الصهيونية ، فلم تؤد إلى بناء وطن منيع أو إلى توازن استراتيجي أو إلى صمود حقيقي .

إن الوطنية والديمقراطية صنوان متلازمان لكرامة الوطن والإنسان وأي تعارض مزعوم بينهما لا يخدم الشعب وإنما يصب في طاحونة الاستعمار أو الاستبداد .

إن المؤتمر الوطني ،بمشاركة كافة الفئات السياسية والفكرية والثقافية ، أصبح ضرورة ملحة ، آنية ، للإنقاذ ،لا تتحمل أي إبطاء أو تأجيل . إنه مصير وطن وشعب ، وليس مصير نظام فحسب . والجميع مدعوون لتحمل مسؤولياتهم التاريخية في إنهاء الاستبداد وإجراء تغيير وطني ديمقراطي يصلب الوحدة الوطنية ويمكن الشعب من المشاركة الحقيقية في تقرير وصنع مصائره .


عاش النضال من أجل الديمقراطية والوحدة .

النصر للمقاومة البطلة في فلسطين والعراق .

المجد والخلود لشهداء الأمة العربية .


دير الزور 29/4/2005 محمد ديب كور

عضو قيادة فرع التجمع الوطني الديمقراطي بحلب

عضو المكتب السياسي لحزب العمال الثوري العربي




"الرأي / خاص"