-
PDA

عرض كامل الموضوع : المدينة الضائعة


أبو عبسي
14/05/2005, 15:30
أخرَجوني أخيرا ً من سجن الضائعين..نظرت يمينا ً و شمالا ً..نظرت خلفي و أمامي.. وبدأت أمشي في شوارع مدينتي القديمة ..لم يتغير شيء..نفس الأطفال يلعبون في الشوارع و ُيدهسون بالسيارات..نفس البائعين اللذين ينتظرون على أبواب محلاتهم..حتى المخبرين لم يغيروا تخفيهم..يا لغبائهم..أو يا لغبائي فمدينتي كلها مخبرين..
قالوا لي أن مدة سجني كانت لا تقاس بالسنين و الأعوام و الساعات و الدقائق و الأيام..لا تقاس بغروب الشمس و شروقها..
لا تقاس بالطبشور على الجدران..
لم أفهم شيئا ً فأنا كنت في سجن الضائعين أنى لي أن أعرف الوقت..ربما بقيت طوال حياتي ..و ربما كان مجرد تحقيق روتيني..
متى ابتسمت آخر مرة..؟ مع أي العصافير كنت تتحدث..؟ من يمول نشاطك هذا..؟..لأي منظمة تنتمي.. ؟
و روتين كهذا..
ذهبت لتفقد بيتي العتيق..فوجدته عتيقا أكثر..
ذهبت لرؤية أمي الهرمة..فوجدتها هرمة أكثر..
ذهبت لرؤية حبيبتي ..فوجدتها تملك أبناءً أكثر من عدد أسناني المتبقية..
سألت في أي عام نحن..فلم يجاوبني أحد..
في أي عام نحن..في أي عام نحن..في أي عام..في أي................
أمسك بي أحدهم و رماني في سيارة جيب..
ضريت على جبيني..الآن تذكرت أن مدينتي هي مدينة الضائعين..
المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين..
و الضائع لا يسأل عن العام مرتين..
حتى الجرذان في زنزانتي تعرف ذلك..
و هذا ما قاله القاضي أثناء محاكمتي بتهمة الخيانة العظمى..فأنا قد سألت عن معلومات تمس بأمن الدولة.. و لا بد من أنني عميل..و خائن..و جاسوس..
ابتسمت في سري..فأنا لم أكن أكثر من شاعر ضائع..
أضعت أقلامي و أوراقي..كرياتي الحمراء ضائعة بين البرتقالي و الأصفر..
سجنوني مجددا ًعلى أساس انني سأعدم قريبا و لكنهم لم يعدموني إلى الآن..
لأنهم اكتشفوا أن التاريخ الذي سأعدم فيه ضائع..
و هكذا بقيت ابتسامتي الغبية على وجهي..
ضائعة بين الكدمات و الدموع..
ضائعة بين الحيرة و النسيان...

عاشق من فلسطين
14/05/2005, 15:44
رائعة جدا" يا أبو عبسي .. عنجد أخدتني لعالم رائع ... يعني مدينة الضائعين .. هي مدينة كل شاعر سجين احلامه الجميلة .. ورغم كل كآبتها .. فمنها يخلق كل امل .. :D :D

باسل
14/05/2005, 15:53
ذكرتني برواية محمد الماغوط
سأخون وطني

عاشق من فلسطين
14/05/2005, 15:58
ذكرتني برواية محمد الماغوط
سأخون وطني

تماما" .. هالأسلوب بالكتابة رائع جدا" .. :D :D

Fares
15/05/2005, 19:43
قصة جمياة ومؤثرة..

والمعادلة بسيطة:
مواطن ضائع+ حكومة ضائعة + إله ضائع = وطن ضائع ضائع ضائع...



ذكرتني برواية محمد الماغوط
سأخون وطني

ها لمحمد الماغوط رواية اسمها (سأخون وطني)؟
لأنه عندي مجموعة مقالات لماغوط بنفس العنوان، وأنا من أشد المعجبين بالماغوط...

:D

حسون
15/05/2005, 22:53
حلوي كتير :D

أبو عبسي
16/05/2005, 12:17
نسيت إنسان ضائع ..
إنسان ضائع×(و طن كتيييييييييييير حلو+إله ككككككككتتتتتتتتتتتتتتر حلو..................)=وطن ضائع...
و سلام..!

Fares
19/05/2005, 12:51
إنسان ضائع×(و طن كتيييييييييييير حلو+إله ككككككككتتتتتتتتتتتتتتر حلو..................)=وطن ضائع...


مع إنسان ضائع لا يوجد وطن بكل أسف..
فالوطن هو عبارة عن الناس، فإذا كان الإنسان ضائع فلا وجود للوطن بكل أسف....

يجب أولاً أن أجد نفسي من الضياع ثم وبشكل تلقائي أجد وطني وأجد نفسي عبر وطني...

:D