-
دخول

عرض كامل الموضوع : الوطن


Kakabouda
10/05/2005, 05:56
العين بعد فراقها الوطنا *** لا ساكناً ألفت ولا سكنا

الوطن وما أدراك ما الوطن ؟ !! من منا لا يحب وطنه ؟ ! على أن الوطن ليس تراباً يُحنُّ إليه ، وما أقبح من يحنُّ إلى تراب ، الوطن هو الذكريات … بما فيها من فرح وترح ، الوطن هو الطفولة بكل براءتها وطهرها ، الوطن هو الأهل والأصدقاء والأطلال القديمة التي مرَّ الإنسان عليها ، والحديث عن الوطن ذو شجون ، ولا يظهر الحنين إلى الوطن والشوق له إلا إذا ابتعد عنه المرء مهما كان السبب في ابتعاده ، حتى ولو أُبعد عن وطنه قسراً ..
بلادي وإن جارت عليَّ عزيزةٌ ******* وأهلي وإن ضنوا عليَّ كرامُ

والوطن في عين الشاعر لا يختلف عن بقية الناس لكنه يتميز بقدرته على إخراج ما في نفسه تجاه ذلك الوطن ، والمرء لا يعرف قيمة الشيء حتى يفقده ولا يحترق شوقاً لوطنه حتى يبتعد عنه

ويا وطني لقيتك بعد يأسٍ ******** كأني قد لقيتُ بك الشبابا
ولو رجعنا إلى وقت الاستعمار المتسلط على البلاد العربية لرأينا الإبداع في أبهى صوره تجاه الوطن المكلوم ، انظر إلى قول شوقي في أعقاب الثورة السورية على الاستعمار الفرنسي :
سلامٌ من صبا بردى أرقُ **** ودمعٌ لا يكفكف يا دمشقُ
ومعذرة اليراعة والقوافي **** جلال الرزء عن وصفٍ يدقُ
دخلتكِ والأصيل له ائتلاقٌ **** ووجهك ضاحك القسمات طلْقُ
ومنها البيت المشهور :
وللحرية الحمراء باب **** بكل يد مضرجة يدقُ
ومن جميل أبياتها – وكلها جميلة – قوله :
وللمستعمرين وإن ألانوا ***** قلوب كالحجارة لا ترقُ
وهذه القصيدة لم يفسدها – في نظري – سوى القافية التي تدق الرأس دقاً .
ومما قيل في تلك الثورة ، قصيدة رائعة المعنى والمبنى للزركلي ومنها :
الأهل أهلي والديار ديارِ ***** وشعار وادي النيربين شعاري
ما كان من ألمٍ بجلق نازلٍ **** وارى الزناد فزنده بي واري
إن الدم المهراق في جنباتها **** لدمي وإن شفارها لشفاري
دمعي لما مُنيت به جارٍ هنا **** ودمي هناك على ثراها جاري
ثم أخذ يصف ما جرى في تلك البلاد من أحداث عصيبة :
يا وامض البرق اطمئن وناجني ***** إن كنت مطلعاً على الأسرارِ
ماذا هناك ؟ فإن صوتاً راعني **** والصوت فيه جفوة الأذعارِ
فجاءه الجواب الحزين …..
النار محدقة بجلق بعدما ***** تركت حماة على شفير هاري
الطفل في يد أمه غرض الأذى **** يرمي وليس بخائض لغمارِ
والشيخ مكتئ على عكازه ***** يرمي وما للشيخ من أوزارِ
لهفي على المتخلفين برحبها **** كيف القرار ؟ ولات حين قرارِ
وما دام الحديث عن دمشق فلا يمكن أن نغفل قصيدة نزار ( من مفكرة عاشق دمشقي )
فرشتُ فوق ثراك الطاهر الهدبا ***** فيا دمشق لماذا نبدأ العتبا
دمشق يا مهد أحلامي ومروحتي *** أشكو العروبة أم أشكو لك العربا
ومن الشعراء الذين فُجعوا بأوطانهم الشاعر العراقي يحيى السماوي ،وله في ذلك ديوان ( قلبي على وطني ) ومن جيد ما قال قوله :
عشرون عاماً والكفور يجولُ ***** فالنائبات صوارمٌ وخيولُ
عشرون عاماً والعراق بُحيرةٌ ***** دموية ، وصباحه مسلولُ
من ذا رأى وطناً يُسلُّ كموطني **** وعلى الرجال الطيبين ذليلُ
أمشي عل جرحين: جرح كرامة **** هُدِرتْ ، وجرح ذُلَّ منه نخيلُ
أغفو على جرح السنين مكابراً **** وتنسكي نحو السراط سبيلُ
وأذلني عشقي فكيف أصده ؟‍‍‍‍ ‍ **** أنا والعراق بثينة وجميلُ
أزِف الوداع .. فيا دموع رجولتي **** لا تفضحيني فالطريق طويلُ
وشعر السماوي جميل جداً ، ويكفيك أن تقرأ قصيدتين أو ثلاث ، لأنه يكرر نفسه في الصور والمعاني والأفكار .

ومن الشعر الوطني الجميل ما يكون نتيجة الاغتراب لا الغربة ، فالمغترب جالس في وطنه بين أهله وعشيرته ، ومع ذلك فهو يحسُّ بالاغتراب كالذي نجده عند فهد العسكر الشاعر الكويتي الراحل …
وطني ولي حقٌّ عليك أضعتَهُ ***** وحفظت حق الداعر المتسكعِ
فلو أن لي طبلاً ومزماراً لما ***** أقصيتني ، أو أن لي في المخدعِ
هذي عقوبة موطني وجنايتي **** هي أنني لتيوسه لم أركعِ
وطني شكوتُ لك الصدى فملأتَ لي ***** كأسي وغير الصاب لم أتجرعِ
ومن إبداعه قوله :
وطني وما أقسى الحياة به على الحر الأمينِ
وألذ بين ربوعه من عيشتي كأس المنونِ
قد كنت فردوس الدخيل وجنة النذل الخؤونِ
لهفي على الأحرار فيك وهم بأعماق السجونِ
ما راع مثل الليث يؤسر وابن آوى في العرينِ
والبلبل الغريد يهوي والغراب على الغصونِ
ولعل الشاعر متأثر بقول شوقي في سينيته التي عارض بها البحتري :
أحرامٌ على بلابله الدوح حلالٌ للطير من كل جنسِ

لقد قلتُ قبل بأن الحديث عن الشعر الوطني ذو شجون ، لكن من أراد المتعة فليقرأ في شعر البردوني، والزبيري ،الجواهري ،وعمر أبي ريشة، وغازي القصيبي ، وأحمد مطر ، وبدر شاكر السياب وغيرهم كثير

znno
11/05/2005, 01:28
:D

Kakabouda
12/05/2005, 01:21
:Dعجبك الكلام يعني .. :lol: :lol:
اذا أي على مخي من فوق تاج الراس