-
PDA

عرض كامل الموضوع : حِكايةُ عِشْقِ مَمْنُوعٍ


Alshami
16/10/2006, 16:16
حِكايةُ عِشْقِ مَمْنُوعٍ

للشاعر:مظهر الحجي


آنَ تَلقّفنا ذاكَ الإسفلتُ المجدورُ‏
كان شواظُ الظُّهْرِ يسوطُ الرأس بألوانِ القيظِ...‏
ونادتنا لافتةٌ مُتْعَبَةٌ‏
كانَتْ أبوابُ "المعرِضِ" هَمْساً مَكتوماً....‏
وتَوقَّفنا...‏
قُلنا.. نقرأُ بعض العُنواناتِ ونمضيْ‏
لَفحَتنا أنفاسُ الحرفِ المأسورِ فَغِبنا...‏
بينَ صُفوفٍ مُتداخلةٍ .‏
يتفرَّدُ في صدرِ "المعرضِ"... ديوانٌ..‏

يعرضُ في نَزَقٍ.. شِعْراً مُنْضَبِطاً‏
عَرْبَدَ ديوانٌ لصديقٍ...‏
يتصعلكُ في حاناتِ الشِّعرِ الممنوعِ بأزمانٍ مُوحشةٍ‏
شارَبَهُ "الملكُ الضِّلِّيلُ" ثلاثةَ أقْداحٍ‏
وأراقَ "ابنُ العَبْدِ" الرَّابعَ في صدرٍ‏
مفتوحٍ لرياحِ الأرضِ‏
عَرْبدَ "ديكُ الجِنِّ" بصوتٍ يخنقُهُ العشقُ.‏
كان حواراً... ناراً‏
وارتفعتْ أصواتُ التَّفعيلاتِ تُؤَلّفُ أنغاماً مشكلةً.‏
راشَقَني "أَدَبُ الكُدْيَةِ" نِظْرَةَ عِشقٍ‏
أعرضتُ بحرصِ الخائفِ ألاَّ يسقطَ في شَرَكِ العِشْقِ‏
وصاحَ الطّينُ: لا عشقَ معَ الجوعِ... صديقي.‏
خالسَني ثانيةً...‏
أخذتْني الرِّعدةُ...‏
جَرَّرني الطّينُ... بعيداً‏


واشتعلتْ في الرُّوحِ الآثمِ نارُ الشَّوقِ إلى الأسرارِ‏
راودتُ الطّينَ ليبتاعَ كتاباً..‏
ذُعِرَ الطّينُ:‏
وَهْمٌ هذي الكتبُ‏
وَهْمٌ.. هذي الأشعارُ وتلكَ الأفكارُ الخرقاءْ‏
وَهْمٌ كليالي المسروقينَ الفقراءْ‏
ويُنَظِّرُ ذاكَ النّاقدُ...‏
يعرضُ أفكاراً في النَّقدِ ، ونَقْدِ النَّقْدِ‏
فما أغباهُ‏
حينَ ينوسُ كقنديلٍ يسكنُهُ فَقْرُ الزّيتِ‏
وفَقْرُ دماهُ.‏
خاتلتُ الطّينَ قليلاً‏
ونظرتُ إلى صفٍّ من كتبٍ "خضراءْ"‏
لامستُ الأوَّلَ، مَسْحُوراً، بأنامِلَ واجِفَةٍ‏
نَبَتَتْ في زاويةِ المعرِضِ عينُ إلهٍ راصدةٌ...‏


Alshami
16/10/2006, 16:17
كادتْ تَضبطني.‏
قلتُ: اسْتغواني هذا الصفُّ الأخضرُ من كتبِ الأجدادِ‏
وما أغواني.‏
- بلْ كِدْتَ.. تلامِسُهُ‏
أَتَهَجَّا في عينيكَ الشوقْ‏
أَتَقَرَّا في صدركَ نأمةَ عشقٍ...‏
جرّوهُ.‏
أُوقِفْتُ أمامَ العرشِ تُقَلِّبني عينُ كبيرِ الأربابِ..‏
وسحَّ الذُّعرُ.‏
قال: تَمرَّستَ بعشقِ الكتبِ "الصّفراءِ"‏
وتلكَ ذُنوبُ‏
ها أنتَ تخاتِلُنا.. في السّرِّ.. لتبتاعَ كتاباً.‏
قلتُ: أتوبُ.‏
أستغفركَ اللّهمَّ إلهَ الجوعِ‏
فذنبي لا يمحوهُ الدَّمْعُ وأنتَ الغَفّارُ المَرْهُوبُ‏
لن أقرأَ بعدَ اليومْ‏
يكفينا عرشُكَ يامولايَ ففيهِ العلمْ‏
أنَ العالمُ والعَلاّمُ‏
وأنتَ الكاتبُ والمكتوبُ‏
مولايَ.. العفوَ‏
فلن أقرأَ بعدَ اليومِ‏
أعودُ.. غبيَّا‏
مولايَ... أعودُ كما تبغيْ.. ولداً أُمِّيَّا‏
مولايَ.. تطهّرتُ من الحرفِ بنارِ الجوعِ‏
استسلمتُ.. وأسلمتُ غواياتيْ‏
ماتْت في النَّفسِ... ضَلالاتيْ‏
***‏
وسوستِ الرُّوحُ بهمسٍ مُخْتَنِقٍ:‏
هَيَّا ... فالمعرضُ مفتوحٌ‏
هَيَّا.. لا ندخلُ بلْ ...‏
ننظرُ مِنْ خلفِ نوافذِهِ ... ونؤوبُ.‏
قاتلُني هذا العشقُ..وهذي الكتبُ الخضراءُ‏
فكيفَ أتوبُ؟!‏