-
دخول

عرض كامل الموضوع : أخبار الكتب السابقة عن نبوة محمد


الحق احق ان يتبع
05/05/2005, 18:50
يقول تعالى في التوراة: " سأقيم لبني إسرائيل نبياً من إخوتهم مثلك أجعل كلامي في فيه، ويقول لهم ما آمره به، والذي لا يقبل قول ذلك النبي الذي يتكلم باسمي أنا أتقم منه ومن سبطه "
فهذ يدل دلالة واضحة وصريحة ببشارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يحتمل غيره، فإنها إنما وقعت بنبي إخوة بني إسرائيل لا من بني إسرائيل نفسهم، والمسيح من بني إسرائيل، فلو كان المراد بها هو المسيح لقال: أقيم لهم نبيا من أنفسهم، كما قال تعالى: ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم )، وإخوة بني إسرائيل هم بنو إسماعيل ولا يعقل في لغة أمة من الأمم أن بني إسرائيل هم إخوة بني إسرائيل، كما أن إخوة زيد لا يدخل فيهم زيد نفسه.
وأيضا فإنه قال: نبيا مثلك، وهذا يدل على أنه صاحب شريعة عامة مثل موسى، وهذا يبطل حمله على أي نبي من بني إسرائيل لأنه لم يبعث فيهم بني مثل موسى بشريعة عامة.
وقال في التوراة في السفر الخامس: " أقبل الله من سيناء، وتجلى من ساعير وظهر من جبال فاران، ومعه ربوات الأطهار عن يمينه "، وهذه متضمنة للنبوات الثلاثة: بنوة موسى، ونبوة عيسى، ونبوية محمد صلى الله عليه وسلم، فمجيئه من سيناء هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ونبأه عليه إخبار عن نبوته، وتجليه من ساعير هو مظهر المسيح من بيت المقدس، وساعير قرية، وهذه بشارة بنبوة المسيح، وفاران هي مكة، وقد شبه سبحانه نبوة موسى بمجيء الصباح، ونبوة المسيح بعدها بإشراقه وضيائه، ونبوة خاتم الأنبياء بعدهما باستعلاء الشمس وظهور ضوئها في الآفاق، ووقع الأمر كما أخبر به سواء، فإن الله سبحانه صدع بنوة موسى ليل الكفر، فأضاء فجره بنوته، وزاد الضياء والإشراق بنبوة المسيح، وكمل الضياء واستعلن وطبق الأرض بنوبة محمد ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ.
وقد ذكر هذه النبوات الثلاثة في سورة التين، قال تعالى: " والتين والزيتون " والمراد بهما: مبنتهما وأرضهما، وهي الأرض المقدسة التي هي مظهر المسيح، " وطور سينين ": الجبل الذي كلم الله عليه موسى، فهو مظهر نبوته، " وهذا البلد الأمين ": مكة حرم الله وأمنه التي هي مظهر نبوة محمد ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ.
وفي إنجيل يوحنا: " الفارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب، وإذا جاء وبخ العالم على الخطئية، ولا يقول من تلقاء نفسه، ولكنه مما يمسع به، ولا يكلمكم ويسوسكم بالحق، ويخبركم بالحوادث والغيوب ".
وفي موضع آخر: " إن الفارقليط روح الحق الذي يرسله أبي باسمي، هو يعلمكم كل شيء ".
وفي موضع آخر: " إني سائل له أن يبعث إليكم فارقليطاً آخر يكون معكم إلى الأبد، وهو يعلمكم كل شيء ".
وفي موضع آخر: " ابن البشر ذاهب، والفارقليط من بعده يجيء لكم بالأسرار، ويفسر لكم كل شيء، وهو يشهد لي كما شهدت له، فإني أجيئكم بالأمثال، وهو يأتيكم بالتأويل ".
والفارقليط هو: لفظ من ألفاظ الحمد: إما أحمد أو محمد أو محمود أو حامد.
وفي موضع آخر: " ومن يحبني يحفظ كلمتي، و أبي يحبه وإليه يأتي، وعنده يتحد المنزل كلمتكم بهذا، لأني لست عندكم مقيما، والفارقليط روح الق الذي يرسله أبي هو يعلكم كل شيء، وهو يذكركم كل ما قلته لكم، استودعتكم سلامي، لا تقلق قلوبكم، ولا تجزع، فإني منطلق وعائد إليكم لو كنتم تحبوني كنتم تفرحون، فإن ثبت كلامي فيكم كان لكم كل ما تريدون ".
وفي موضع آخر: " إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم، ولكنكم لا تستطيعون حمله، لكن إذا جاء روح الحق ذاك يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه ليس ينطق من عنده، بل يتكلم بما يسمع، ويخبركم بكل ما يأتي، ويعرفكم جميع ما للأب ".
وقال يوحانا: " قال المسيح: إن أركون العالم سيأتي، وليس له في شيء ".
وقال متى: " قال المسيح: ألم تروا أن الحجر الذي أخره البناءون صار أساً للزاوية من عند الله، كان هذا وهو عجيب في أعيننا، ومن أجل ذلك أقول لكم: إن ملكوت الله سيأخذ منكم، ويدفع إلى أمة أخرى تعطى ثماره، ومن سقط على هذا الحجر ينشدخ، وكل من سقط هو عليه يمحقه ".

فلا يستيب عاقل أن هذه الصفات لا تنطبق إلا على محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الإخبار عن الله بما هو متصف به من الصفات وعن ملائكته وعن ملكوته وعما أعده في الجنة لأوليائه وفي النار لأعدائه أمر لا تحتمل عقول أكثر الناس معرفته على التفصيل، فقال لهم المسيح: " إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم، ولكنكم لا تستطيعون حمله "، وهو الصادق المصدوق في هذا، ولهذا ليس في الإنجيل من صفات الله تعالى وصفات ملكوته وصفات اليوم الآخر إلا أمور مجملة، وكذلك التوراة ليس فيها من ذكر اليوم الآخر إلا أمور مجملة، مع أن موسى صلى الله عليه وسلم كان قد سهل الأمر للمسيح، ومع هذا فقد قال لهم المسيح: " إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ولكنكم لا تستطيعون حمله "، ثم قال: " ولكن إذا جاء روح الحق فذاك يرشدكم إلى جميع الحق، وأنه يخبركم بكل ما يأتي، ويجمع ما للرب "، فدل هذا على أن الفارقليط هو الذي يفعل هذا دون المسيح، وكذلك كان فإن محمدا صلى الله عليه وسلم أرشد الناس إلى جميع الحق حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، ولهذا كان خاتم الأنبياء، فإنه لم يبق نبي يأتي بعده غيره،وأخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بكل ما يأتي من أشراط الساعة والقيامة والحساب والصراط ووزن الأعمال والجنة وأنواع نعيمها والنار وأنواع عذابها، ولهذا كان في القرآن تفصيل أمر الآخرة، وذكر الجنة والنار، وما يأتي أمور كثيرة لا توجد لا في التوراة ولا في الإنجيل، وذلك تصديق قول المسيح: " إنه يخبر بكل ما يأتي "، وذلك يتضمن صدق المسيح، وصدق محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال أيضا : " ويعرفكم جميع ما للرب "، فبين أنه يعرف الناس جميع ما لله، وذلك يتناول ما لله من الأسماء والصفات، وما له من الحقوق، وما يجب من الإيمان به وملائكته وكتبه ورسله بحيث يكون يأتي به جامعا لما يستحقه الرب، وهذا لم يأت به غير محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه تضمن ما جاء به من الكتاب والحكمة هذا كله،
وأخبر أنه يوبخ العالم على الخطيئة، وهذا يستحيل حمله على معنى يقوم بقلب الحواريين، فإنهم آمنوا به، وشهدوا له قبل ذهابه، فكيف يقول: إذا جاء فإنه يشهد لي، ويوصيهم بالإيمان به، أفترى الحواريين لم يكونوا مؤمنين بالمسيح؟! فهذا من أعظم الجهل، وأيضا فإنه لم يوجد أحد وبخ جميع العالم على الخطيئة إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه أنذر جميع العالم من أصناف الناس، ووبخهم على الخطيئة من الكفر، والفسوق والعصيان ولم يقتصر على مجرد الأ/ر والنهي، بل وبخهم وفزعهم وتهددهم، وأيضا أخبر أنه ليس ينطق من عنده، بل يتكلم بكل ما يسمع، وهذا إخبرا بأن كل ما يتكلم به فهو وحي يسمعه، ليس هو شيء تعلمه من الناس، أو عرفه باستنباط، وهذه خاصة محمد صلى الله عليه وسلم، وأيضا فإنه أخبر عن الفارقليط انه سيشهد له، وأنه يعلمهم كل شيء، وأنه يذكرهم كل ما قال المسيح، ومعلوم أن هذه الشهادة لا تكون إلا إذا شهد له شهادة يسمعها الناس، لا تكون هذه الشهادة في قلب طائفة قليلة، ولم يشهد أحد للمسيح شهادة سمعها عامة الناس إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه أظهر أمر المسيح، وشهد له بالحق حتى سمع شهادته له عامة أهل الأرض، وعلموا أنه صادق المسيح، ونزهه عما افترته عليه اليهود وما غلت فيه النصارى، فهو الذي شهد له بالحق، وأيضا أخبر أن أركون العالم سيأتي وأركون العالم هو عظيم العالم وكبي العالم، وتأمل قول المسيح في هذه البشارة : " إن أركون العالم سأتي، وليس لي من الأمر شيء "، فكيف وهي شاهدة بنبوة المسيح ونبوة محمد معا، فإنه لما جاء صار الأمر له دون المسيح، فوجب على العالم كلهم طاعته والانقياد لأمره، وصار الأمر له حقيقة.
وتأمل قوله في البشارة الأخرى: " ألم تر إلى الحجر الذي أخره البناءون صار أساً للزاوية "، كيف تجده مطابقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بني دارا فأكملها وأتمها إلا موضع لبنة منها، فجعل الناس يطوفون بها، ويعجبون منها، ويقولون: هلا وضعت تلك اللبنة، فكنت أنا تلك اللبنة ".
وتأمل قول المسيح في هذه البشارة: " إن ذلك عجيب في أعيننا " وتأمل قوله فيها: " إن ملكوت الله سيأخذ منكم، ويدفع إلى أمة أخرى "، كيف تجده مطابقا لقوله تعالى: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، وقوله تعالى: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذي من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ".
وتأمل قوله في الفارقليط المبشر به: " يفشي لكم الأسرار، ويفسر لكم كل شيء، فإني أجيئكم بالأمثال، وهو يأتيكم بالتأويل "، وكيف تجده مطابقا للواقع من كل وجه، وقوله تعالى: " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ".
وإذا تأملت التوراة والإنجيل والكتب، وتأملت القرآن وجدته كالتفصيل لمجملها، والتأويل لأمثالها، والشرح لرموزها، وهذا حقيقة قول المسيح: " أجيئكم بالأمثال، ويجيئكم بالتأويل، ويفسر لكم كل شيء "، وإذا تأملت قوله: " وكل شيء عده الله لكم به "، وتفاصيل ما أخبر به من الجنة والنار والثواب والعقاب تيقنت صدق الرسولين الكريمين، ومطابقة الأخبار المفصلة من محمد صلى الله للخبر المجمل من أخيه المسيح.
وتأمل قوله في الفارقليط: " وهو يشهد لي كما شهدت له"، كيف تجده منطبقا على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وكيف تجده شاهدا بصدق الرسولين، وكيف تجده صريحا في رجل يأتي بعد المسيح يشهد له بأنه عبد الله ورسوله كما شهد له المسيح.
وتأمل قول المسيح: " إن أركون العالم سيأتي "، وأركون العالم عظيم العالم هو سيد العالم وعظيمه، ومن الذي ساد العالم بعد المسيح غير النبي صلى الله عليه وسلم، وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل: " ما أول أمرك؟ قال: أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى "، وطابق بين هذا وبين هذه البشارات التي ذكرها المسيح، فمن الذي ساد العالم باطنا وظاهرا، وانقادت القلوب والأجساد وأطيع في السر والعلانية في محياه وبعد مماته في جميع الأعصار وأفضل الأقاليم والأمصار، وسارت دعوته مسير الشمس، وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار، وخرت لمجيئه الأمم على الأذقان، وبطلت بع عبادة الأوثان، وقامت به دعوة الرحمن، واضمحلت به دعوة الشيطان وأذل الكافرين والجاحدين، وأعز المؤمنين، وجاء بالحق وصدق المرسلين، حتى أعلن بالتوحيد على رءوس الأشهاد، وعبد الله وحده لا شريك له في كل حاضر وباد، وامتلأت به الأرض تحميدا وتكبيرا لله وتهليلا وتسبيحا، واكتست به بعد الظلم والظلام عدلا ونورا.
وطابق بين قول المسيح: " إن أركون العالم سأتيكم "، وقول أخيه محمد صلى الله عليه وسلم: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي، وأنا خطيب الأنبياء، إذا وفدوا، وإمامهم إذا اجتمعوا، ومبشرهم إذا أيسوا، لواء الحمد بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ".
وفي قول المسيح في هذه البشارة: " وليس لي من الأمر شيء "، إشارة إلى التوحيد، وأن الأمر كله لله، فتضمنت هذه البشارة أصلي الدين: إثبات التوحيد، وإثبات النبوة، وهذا الذي قاله المسيح مطابق لما جاء به أخوه محمد صلى الله عليه وسلم عن ربه من قوله له: " ليس لك من الأمر شيء ".
وتأمل قول المسيح: " إني لست أدعكم أيتاما، لأني سآتيكم عن قريب "، كيف هو مطابق لقول أخيه محمد بن عبد الله ـ صلوات الله وسلامه عليهما ـ : " ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية ".
وتأمل نص التوراة: " تجلى الله من طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران "، كيف هو مطابق لقوله تعالى: " والتين والزيتون . وطور سينين . وهذا البلد الأمين ".

ووالله من تأمل حال الرسولين الكريمين ودعوتهما وجدهما متوافقين متطابقين حذو القذة بالقذة، وأنه لا يمكن التصديق بأحدها من التكذيب بالآخر البتة.