-
PDA

عرض كامل الموضوع : الرائعة كوليت خوري


butterfly
22/08/2006, 19:45
الأمنية الصعبة -كتاب المرأة
باريس 1994
_1_
ويسألني حبيبي:
_ لو أنكِ لم تكوني أنتِ فماذا كنتِ تتمنين أن تكوني؟..
زهرةً، بستاناً، نجمةً، هرةً، امرأة مختلفة، أو ربما رجلاً...؟
<<ويشطح>> خيالي مع السؤال فأجيبه:
_ مشكلتي كبيرة يا حبيبي... فما دمتُ أعرفك، أنا لا أتمنى سوى أن أكون معك... كما أنا... وحدي... وأحبك..!
إنما... إنما لو لم أكن أعرفك لتمنيتُ أن أكون عشر نساء...!
لا تعجب... وتعال معي في رحلة من رحلات خيالي...
_2_
لو كنتُ عشر نساء لوزّعتُ طموحي ورغباتي وهواياتي وعملي عليهنّ... ومع ذلك... لما وجَدَتْ واحدةٌ منهنّ وقتاً لتتنفّس!!
لو كنتُ عشر نساء لكانت واحدة منهنّ موسيقية، ملحّنة أو عازفة... بل مطربة.
كنتُ بالألحان حاولتُ أن أخترق الحجب وأطير وأحلّق... وكنتُ حاولتُ بصوتي أن أملأ الفضاء وأشق الآفاق، لأصل إلى العوالم الضائعة هناك... وراءَها...
لو كنتُ عشر نساء...
لكانت الثانية منهنّ ربة أسرة كبيرة...
نعم... لزوّجتُ واحدة منهنّ وجعلتها تقف إلى جانب زوجها سنداً حنوناً، وتعلّم أطفالها الكثيرين أصول الحياة وحبّ الأسرة والوطن...
كنتُ أنشأتهم على الصدق والكرم والنظافة... لأنّ الصدق قوة كبيرة، ولأنّ كريم اليد بالضرورة كريم النفس... ولأنّ النظافة من الإيمان...
وكنتُ برهنتُ لهم كيف أنّ المرأة تستطيع بترتيبها وذوقها وابتسامتها أن تجعل من بيتها الصغير المتواضع جنّة وارفة بالدفء… وأن تخلق في وطنها مجتمعاً راقياً…
لو كنتُ عشر نساء؟؟
لكانت واحدة منهنّ، الثالثة شاعرة… ولتركتُ هذه الواحدة عزباء… تقضي عمرها تتغنى بالجمال… وتلاحق الأوهام… وتمرض بالحب…
وتحسّ بضياع اليوم الذي يمر بها <<من غير أن تهوى… وأن تعشق>>… وأن تصدح بالشعر…
أما المرأة الرابعة،
فكنتُ أرغمتها على دراسة الطب لتعيش مع المرضى والمصابين… ولتحّد عالمها بحدود أوجاعهم… ولتهبهم حبّها وعلمها فتخفف من عليهم وطأة الألم… وحدّته… ولتجعل كلّ واحد منهم ينسى الهموم والأوجاع…
أما الخامسة،
فمن الضروري أن تكون راقصة…
راقصة معبد… راقصة باليه… راقصة شرقي أو مجرد راقصة…
تهبّ زوبعة في وجه المصاعب والدنيا… وتدور وتدور وتدور وتلف حتى تنهار مغمى عليها وتنسى..!
تنسى بدورها، كالطير المذبوح، آلامها الخاصة وأوجاعها…
والمرأة السادسة يا حبيبي…
كنتُ جعلتها ممثلة… تمثل كل الأدوار التي لا تعيشها في الواقع… وتبدو بفضل موهبتها الكبيرة طبيعية في كلّ الأدوار…
ولكنها عندما تعيش دورها الحقيقي في الحياة… تبدو وكأنها تمثل… وذلك بسبب عاطفتها الجياشة اللامعقولة...!
لو كنتُ عشر نساء،
لجعلتُ السابعة منهنّ صحفية سياسية تجوب العالم وآلة التصوير على كتفها والقلم في صدرها… لتكشف للعالم بمقالاتها والصور ما هو حق وما هو باطل… ولتقف مع الصادقين من زملائها في وجه الدعايات الكاذبة… ولتسهم قدر إمكانها في تقدّم هذا الوطن وازدهاره…
والمرأة الثامنة،
كنتُ جعلتها تكرّس حياتها من أجل الجيل الجديد…
مُدَرّسة معلمة مرشدة أو أستاذة محاضرة…
ترسم لأبنائها الطريق الصحيح نحو الرقي والحضارة…
ولا تكفّ هي نفسها عن المطالعة والثقافة لتساعد أبناء المستقبل على شق طريقهم في هذه الحياة… لأنّ إيجاد الطريق هو الخطوة الأولى في مشروع نجاح الفرد وتقدّم الأمة…
وأما المرأة التاسعة،
فكنتُ تركتها في الريف… تقضي يومها في البساتين وبين الحقول… تمنح الأرض عنايتها وحبّها… فتعطيها الأرض الثمر والطمأنينة والراحة…
وفي الأماسي… كنتُ جعلتها تجلس على عتبة بيتها تتأمّل وتصلي وتفتح صدرها للمدى… حتى التوحّد… فتكبر نفسها… وتتسع حتى تحضن الأرض والكون…
وأخيراً…
لو كنتُ عشر نساء لكان من البديهي أن تكون واحدة منهنّ، العاشرة، أديبة!!!
تكتب الروايات والقصص والشعر… وبالطبع الزوايا الأدبية في الصحف… والمجلات…
_3_
أن أكون عشر نساء… هذه هي أمنيتي يا حبيبي…
لكنّها لو تحققت… لتورّطتُ في مشكلة عويصة لها أول وليس لها آخر…
فلو أنّ واحدة من هؤلاء النساء العشر التقت بك… لهرعت إلى التسع الباقيات ولقالت لكلّ واحدة منهنّ:
_ أتركي كلّ شيء وتعالي معي لتشاركيني… في حبّ حبيبي…
وعندها لتعرقلتِ الأمور… ولانهارتِ الأحلام… ولامتزجتِ النساء العشر بواحدة…
فعدتُ أنا… كما أنا… وحدي وأحبّك…!

handsome
22/08/2006, 20:09
مرسيل ما بعرف شو لازم قول .. بس بعرف انو اول الشي لازم قلك حمدالله عالسلامة اذا رجعتي من الشام ..


ومشان نقلك للمواضيع والله ما بعرف شو الواحد لازم يحكي ..
يعني بتدوري بتدوري بتدوي .. واخر الشي بتجيبيلنا شوية كلمات الي حولتون الكاتبة من خربشة صغيرة لواقع بجنن بيحكي القلب والعواطف ابل ما يقرون لعيون ..

ما بعرف شو لازم احكي عن الفكرة لحالة بتشيب الراص .. بس كمان حلوي كتير كتير ..
وهادا المقطع عجبني كتير ..

لكنّها لو تحققت… لتورّطتُ في مشكلة عويصة لها أول وليس لها آخر…
فلو أنّ واحدة من هؤلاء النساء العشر التقت بك… لهرعت إلى التسع الباقيات ولقالت لكلّ واحدة منهنّ:
_ أتركي كلّ شيء وتعالي معي لتشاركيني… في حبّ حبيبي…
وعندها لتعرقلتِ الأمور… ولانهارتِ الأحلام… ولامتزجتِ النساء العشر بواحدة…
فعدتُ أنا… كما أنا… وحدي وأحبّك…!
اول الشي وانا عما ققرا فكرت انو رح يزعل منا حبيبة بعد هالاجابة ..
بس اخر الشي ظبطت الوضع عالاخر :sosweet:


كلام اكتر من رائع وشكرا كتير الك عنقل هالمقطع الي بيخلي الواحد يسكر:D

butterfly
22/08/2006, 20:12
مرسيل ما بعرف شو لازم قول .. بس بعرف انو اول الشي لازم قلك حمدالله عالسلامة اذا رجعتي من الشام ..


:D :D
ولو .. ... أي رجعت وهادا الشام قريتو بالشام وكتير حبيتو وحبيت أنقل هالقصة ... في كتير قصص حلوة بنصح الكل يقرا الكتاب ....
وميرسي لمرورك :D
رح حاول تابع مع كمان قصص

butterfly
22/08/2006, 20:23
بما انو عم يقلي عدد الحروف ومدري شو وعم يوجعلي راسي


اوووووف .. ليش النص تبعك كتير طويل؟ والله احنا الحد المسموح فيه عنا للحمارف بالمشاركة الواحدة ما لا زم يكون اكتر من (20097 مَحرَف). فضلا هيك .. بعد امرك يعني .. تعمل باك وما اتخلي يكون طول المشاركة اكتبر من 10000 محرف، _على فكرة فيك مثلا اتقصم المشاركة لعدة مشاركات اذا بدك بينفع_

الفكرة من تحديد عدد المحارف بالمشاركة الواحدة منشان تسهيل القرائة على البشر الي عم يقرو مشاركاتك .. يعني خيو بيني وبينك هيك لما بتكون المشاركة كتير كبيرة وطويلة اي والله ما حدى بيقراها ولا بيعيرها اي اهتمام .. لهيك خلي بالك من هال الموضوع ،ميت السلامي.رح نزلون وورد

الأولى - الواقع ( الكلمة أنثى )

سرسورة
23/08/2006, 00:47
مافي اي كلام بيقدر يوصف كاتبتنا العظيمة كوليت خوري.....و كتابا (امرأة) اللي مأخودة منو القصة الاولى اكتر من رائع,,,,,,
ميرسي مرسيل....كتيييير:D :D

butterfly
23/08/2006, 01:41
مافي اي كلام بيقدر يوصف كاتبتنا العظيمة كوليت خوري.....و كتابا (امرأة) اللي مأخودة منو القصة الاولى اكتر من رائع,,,,,,
ميرسي مرسيل....كتيييير:D :D
ميرسي ألك عالكتاب ... ;-)

Samy Abul-Ela
19/09/2006, 16:42
Thanxxxxxxxxx

butterfly
19/09/2006, 16:47
Thanxxxxxxxxx
هلااااااااا

butterfly
07/11/2006, 04:43
شر البلية ما يضحك كوليت خوري

2006-07-02 11:32
في ندوة سياسيّة قدّمتها إحدى شاشات التلفزيون اللبناني هذا الأسبوع، شارك فيها أستاذان أحدهما من تيّار الحريري والثاني من كتلة الرئيس عون «الإصلاح والتغيير».... مع المذيع المطلع الذي بدا لي من فئة المنطق والحقّ أكثر مما هو مع طرف من الأطراف...
في تلك الندوة دار نقاش مهمّ حادّ...
استوقفتني منه «لقطة» أحزنتني وأضحكتني في آن معاً...
* * *
كان الحديث يتناول كيف أن الدنيا تقوم ولا تقعد وينصبّ الهجوم على سورية مجرد أن يُلقي أحدهم عليها زوراً بالتهم الباطلة وغير المبنية على أسس!
وأما عندما تثبت التهمة فعلاً على إسرائيل فإن الجميع يتلافى الموضوع ويحاولون لفلفته...
وهنا قال السيد «تيّار الحريري» ما معناه:
- ما العمل؟... الأغبياء الذين يعملون مع الموساد بانوا وظهروا...
أما الذين يتعاملون مع سورية فهم أذكى... لا يظهرون على الإطلاق!!
* * *
طبعاً هذا الكلام أحزنني! فمع أننا تعوّدنا - نحن السوريين- سماعه من الأشقاء اللبنانيين... إلا أننا لم نتعود قبوله!
فهو كلام يجرح ويؤلم عندما يصدر من شخص عربي... لأن من العيب أن يقارن هذا الشخص إسرائيل العدوّة... مع سورية... الشقيقة رغماً عنه وعن الدنيا!
ولكن... مع أن هذا الكلام أحزنني... إلا أنني أعترف بأنه سلّاني وأضحكني!!!.
* * *
من ناحية... من الجيّد أن تكون المخابرات السورية قد وصلت إلى هذا المستوى الرفيع في العمل!
تعوّدنا على رجل المخابرات يتبهور ويتبجح ويرفع طرف سترته ليظهر لنا المسدّس المعلق على جنبه بالحزام... فيرعبنا!!!
هكذا عرفناه وهكذا صوّرناه في كتاباتنا للناس...
أما أنه لا يظهر على الإطلاق ولا يكتشفه أحد.. ويعمل في ذكاء وفي الخفاء... فهذا إطراء... ليته يصبح واقعاً!!!
* * *
أما الذي أضحكني في هذا الجواب فهو أن السيد «تيّار الحريري» المتحمّس ضد سورية... ويريد بشتى الطرق أن يؤكد أنّ سورية مازال لها وجود في لبنان...
فقد بدا متضايقاً جدّاً لأنه «لايجد ما هو غير موجود!» ومع ذلك يؤكد عليه!
وقد ذكّرني بنكتة قديمة... وقد جسّدها الفنّان السوريّ الكبير دريد لحام في أحد مشاهد مسرحياته البديعة...
«رجل يدخل على صديقه فيجده واقفاً وقد ألصق أذنه بالحائط وراح يصغي ويردّد:
- شيء مقلق... أمر يدعو للجنون...
شي غريب... يدعو للجنون...
فيسأله الرجل:
- ما الأمر؟
يجيبه الصديق في قلق:
- تعال... اقترب واسمع...
ويقترب الرجل ويلصق أذنه بالحائط.. وينصت باهتمام... فيسأله الصديق:
- ماذا تسمع؟
يجيبه الرجل باستغراب:
- لا أسمع شيئاً على الاطلاق...
فينفعل الصديق ويقول:
- هذا بالذات ما يقلقني... ألا يدعو هذا الأمر للجنون ؟؟؟».

* * *
نعم...
يبدو أن عدم توصلّ التحقيق الدولي في مقتل الرئيس الحريري إلى ايجاد دلائل ضد سورية أمر يدعو للجنون بالنسبة للبعض... وعلى الأقل هو يسبب لهم انفعالات غير مسؤولة...
وهذا ما لمسناه وبدأنا نلاحظه في تصريحات بعض السادة والسيدات من العاملين في الحقل السياسي...!
* * *
أما السيدة السمراء التي تصرّ هي الأخرى على سماع خشخشة في الحائط...
هذه السيّدة التي تختزن في نفسها كمية هائلة من الكراهية ومن الحقد على العرب... من العراق إلى فلسطين... وسورية... ولم أكتشف ابتسامتها العريضة إلا وهي تعانق بعض السادة من تيار الحريري...
فهناك ضيفة إعلامية أمريكية قالت لي قبل أيام وكانت تتغدى معي:
- كوندوليزا ذكيّة لكنّها لا تعرفكم إلا من خلال ما يقدّمه لها أعداؤكم... هي تظنكم قساة شرسين ظالمين...
فالشكاوى ضدكم تقدم لها على الدوام...
وهنا وجدتني مضطرة أن أقول لها:
- يبدو أن هذه السيّدة تجهل أسس العدل وهذا خطير بالنسبة لسيدة تلعب دوراً في السياسة الدولية...
أرجوك عندما تعودين إلى بلادك أخبريها أن الإمام العظيم علي يقول ما معناه...
«إذا جاءكم شخص شاكياً وقد أصيبت عينه... فلا تحكموا معه فوراً ضد الآخر...
وانتظروا حتى تروا خصمه... فلربما كانت عينا هذا الأخير... قد فقئتا...».
ويبقى العدل أساس الملك...

كوليت الخوري
المصدر: البعث

سرسورة
07/11/2006, 21:39
:D :D :D

Eh@Ab
07/11/2006, 21:41
مكشورة يا امورة :sosweet:

butterfly
17/09/2007, 04:44
قطرة الدم

الفكرة مستوحاة من الأساطير الهندية

في القرية الكبيرة التي تشبه مدينتي كانت تعيش الحسناء .فتاة بايعها الناس كلهم بالحسن على الرغم من انهم لم يجمعوا قبل على مبايعة أحد.فقد كانت الجمال في بقعة يحنون فيها إلى الجمال المفقود. كانت الصفاء في البلاد التي يذكرون فيها صفاء ولّى.كانت الذكاء بين أناس يقدرون الذكاء لأنهم أدمنوه .وتوجت أميرة في القرية التي لا تعرف الإمارة . في القرية الكبيرة التي تشبه مدينتي..
تقدم لخطبتها كل من ادعى العظمة وكل من رفعه الناس خطأ إلى العظمة فصدق الخطأ. لكن أحدا من هؤلاء لم ينل إعجابها ، وظلت عزباء تعيش في الوحدة التي يفرضها الحسن عادة على المرهفين.
واحتج الناس .إذ لا يجوز أن تغدو الحسناء عانسا. خيرة شبان البلد تقدموا لها إلا أن تختار.ولما كانت الفتاة ذكية ، تعرف ان على حامل التاج واجبات تجاه الذين توجوه.. ولما كانت لم تحب أحدا من الذين تقدموا إليها ، فقد قررت أن تختار من يحمل إليها اثمن جوهرة في العالم.
وزغردت القرية للقرار . وانطلق الشبان القادرون في أرجاء الأرض ، يبحثون عن جوهرة قد تحمل إليهم السعادة . ومرت الأيام والشهور . وعاد الباحثون من رحلاتهم بعد سنوات . وتناقلت الشائعات أن الاختيار سيقع على واحد من ثلاثة عادوا يحملون اثمن جواهر العالم.وسبحت القرية في الأخبار والتكهنات.
في حي فقير من القرية الكبيرة التي تشبه مدينتي كان يعيش شاعر يحب الحسناء .كان يكتب لها قصائد الغزل الرائعة ، ولطالما حمل إليها وردة أو رمى عند قدميها نجمة أو ألقى على جيدها عقدا من دمعات.
لم يكن يطمع بالزواج منها، فقد كان لا يملك من الدنيا سوى حس مرهف وقلب كبير وأحزان . كان لا يملك إلا الأمور التي تدهورت قيمتها في القرية الكبيرة التي تشبه مدينتي.
وحين سمع بعودة العرسان، وحين رأى الناس يقدمون للحسناء هدايا العرس المنتظر، ترك القرية وراح يبحث عن رمز لحبه يرميه بين يدي العروس.
ووجد نفسه ذات يوم في سهل كبير احمر، وقدر من الدم الذي صبغ الأرض ومن الجثث المتناثرة أن معركة جرت في تلك البقعة.
وفجأة سمع أنينا فاقترب من مصدر الصوت ليرى شابا غارقا في دمائه وما يزال قابضا على سيفه. وظن الشاب الشاعر من الأعداء فهم بالنهوض متحديا نزيف جراحه البالغة، لكن الشاعر سارع يخبره بأنه غريب يجول في العالم ويبحث في الأجواء عن أنشودة.
واطمأن الشاب فراح يشرح بصوت متقطع:
-هذه الأرض ارضي .. اغتصبها الأعداء .. قتلت كل هؤلاء .. سنسترد الأرض..
وحاول الشاعر إسعاف الجريح لكن الأخير حشرج :
-دع دمي يتدفق .. دعه يروي هذه الأرض فهي عطشى.. وحين سأله الشاعر من يكون، ابتسم الشاب في تعب وغمغم وهو يلفظ آخر أنفاسه: اسمي .. فدائيّ.
وأغمى عليه فبدا وكأنه قد مات.
وأحسّ الشاعر فجأة بالوطن يتجسد في شخصه، فمدّ ذراعيه ليحضن إلى صدره أغلى أبنائه.
ونسي في تلك اللحظة كل شيء . نسي الحسناء والعالم والدنيا ولم يتذكر إلا انه يضم بين ذراعيه أسمى معاني التضحية، فأحنى رأسه متأثرا خاشعا.
لكن الفدائي انتفض، وفتح عينيه، ونطق:
-ليعش وطني أبدا ولنا النصر...
ومع هذه العبارة لفظ آخر قطرة من دمه.
فمد الشاعر يده بسرعة ليلتقط قطرة الدم، ثم ضم الشهيد إلى صدره مودعا باكيا.
في القرية الكبيرة التي تشبه مدينتي، كانت الحسناء جالسة في الساحة، وكان العرسان يختالون متحلين بغرورهم، متبججين بهداياهم ، جاعلين من زواجهم مشكلة القرية الوحيدة.وكان الأهالي يصفقون للأبطال الذين لم ينتصروا.
وأطلّ الشاعر على الجميع حزينا شاردا، ولم تلتفت إليه القرية الكبيرة التي تشبه مدينتي.
لكن الحسناء سألته عما به، فاقترب منها وراح يروي عليها ما جرى.وحين أنهى قصته فتح يده ليقدم لها قطرة الدم، فمدت يدها متلهفة وهتفت والدمع في عينيها:
- هو ذا الذي اختار.. لأنه قد حمل إلي اثمن جوهرة في العالم.............


:D

butterfly
17/09/2007, 04:53
ألم برجوازي


تمنّت لو تقوله له: "تعال أنت وأسرتك وعيشوا هنا. بيتي واسع رحب دافئ."‏لكنها ظلت صامتة. كانت تعلم أنه لن يتقبل الفكرة بل سيعتبر دعوتها ودّاً مصطنعاً وخبثاً.‏حين اعتذر لها عن تأخره بقوله أنه منهمكاً بتركيب المدفأة في البيت لأن البرد غداً قارساً والأطفال يقاسون، تحاشت أن تشهق استغراباً.‏لم تكن تدري أن هناك أسراً تعيش في المدينة حتى هذه اللحظة دون مدفأة!‏منذ شهرين والدفء يرفرف في أرجاء بيتها الواسع.‏وأحست بوخزة في أعماقها.‏لا شك في أنّ هناك طبقة تجهل آلام الشعب وهي منها!‏لم تقل شيئاً بل اندمجت معه في الحديث:‏وهل اشتغلت المدفأة؟‏
قال:‏طبعاً.. وقد تركت غرفة الجلوس دافئة.. كالنار.. والأطفال يلعبون سعداء.‏
الفرح في لهجته جعلها تحسّ في أعماقها بشيء يشبه تأنيب الضمير.‏مدفأة صغيرة تسعد أسرة بكاملها. وهي التي لم يخطر في بالها يوماً أن تشكر الحظ بل أن تدرك إنه حظ هذا الذي جعلها تجهل حتى الآن أن هناك أناساً يموتون كل يوم من البرد.‏وتلفتت حولها.‏وخيل إليها وكأنها قد ارتكبت جريمة بسكناها في هذا البيت الدافئ. هذا البيت الذي عرفته دافئاً منذ فتحت عينيها للنور.‏وأرادت أن تغيّر مجرى أفكارها. فتململت في جلستها وسألته في لهجة عادية:‏ إذن.... أنت لم تنم بعد الظهر؟‏
هز رأسه في حسرة:‏أنىّ لي أن أنام؟ بل متى كنت أستطيع أن أنام في البيت خلال النهار؟ الأطفال يزعقون وزوجتي عصبية المزاج تزعق هي الأخرى... والضجيج يملأ البيت..‏
استمرت في الحديث فقط لتهرب من شعورها بالذنب. فقالت:‏ادخل غرفة النوم واقفل عليك الباب واسترح ساعة.‏
رمقها معاتباً:‏ما بكِ؟ يجب أن تزورينا لتري بيتنا! غرفة النوم متصلة بغرفة الجلوس. وهي لا تحوي سوى سريرين حديدّين ضيقين. أنام أنا وزوجتي على أحدهما والأطفال على الآخر.. فكيف تريدينني أن أدخل الغرفة وأقفل عليهم الباب؟‏
لم تعد تدري ما تقول هي تجهل هذا النوع من العيش.‏ ومع أنها واثقة من أن الذنب ليس ذنبها إلا أن مضايقتها ازدادت. وظلّ هذا الشعور الذي يشبه تأنيب الضمير ينخز أعماقها.‏
لا! ليس ذنبها أنها نشأت في طبقة ميسورة وأنها ورثت عن أهلها مبلغاً من المال وهذا البيت الدافئ.‏ مات أهلها. ورحل من رحل. وظلتّ هي وحيدة في هذه المدينة لأنها تكره الاغتراب ولأنها منذ طفولتها كانت تنادي بالثورة.‏ومرت سنوات‏وتعرفت إليه.‏شاب ريفي ملتزم. من أولئك النادرين الذين لم يعتبروا الثورة يوماً طريقاً لمركز أو وسيلة جميل الطلعة. صافي الملامح. يرى العالم من خلال منظار محدود ولكن نقيّ. يريد أن يبني الوطن من جديد وعلى الشكل الأحسن لكنه لم يدرس طرق البناء، مستعد بجدّ أن يموت من أجل المستقبل الأفضل.‏وارتاحت لهذا الشاب المؤمن. وأحست بأنها قادرة على أن تقدم إليه صداقة ظلت مكبوتة في نفسها سنوات.‏
وأحبها هو.‏كانت حلوة طيبة مرهفة. والأهم كانت ربيبة طبقة وابنة مدينة. وكانت هاتان الصفتان تثيران كل وافد جديد ينقم على المدينة. يريد إصلاح المدينة. يسكن المدينة. ويرفض أن يتعرف بأنه لا شعورياً يبحث في المدينة له عن جذور.‏ ونمت بين هذين الإنسانيين المختلفين صداقة متينة.‏وصار يزورها كل مساء كل مساء، فيجدها كل مساء كل مساء في انتظاره.‏لم يعترف لها بحبه. فقد علموه أن العواطف تقتل الرجولة وبالتالي تسيء إلى القضيّة... وصدّق.‏ ولم تخبره بارتياحها له. فقد اكتشفت خلال السنوات الفائتة كم أن خبراً كهذا يدع للتبجح وللمتاجرة. وخافت.‏
كل ما هنالك.. كان يعلم أنها تعيش في مدينتها غريبة. وكانت تعلم.... أنه يعلم.‏
قصة المدفأة أزعجتها. بل أزعجها شعورها بالذنب فنهضت من مكانها قائلة:‏سأهيئ له فنجاناً من الشاي.‏
وشعرت وهي تمشي في القاعات الكبيرة متجهة صوب المطبخ بحاجة لأن تقول له:‏
"بيتي كبير دافئ. ليتكم –أنت وزوجك والأطفال –تقيمون معي. أنا وحدي ووحيدة.‏
وأنا أكره الوحدة. أخاف الوحدة".‏لكنها ظلت صامتة.‏هل يستطيع هذا الصديق أن يقدر ما هي الوحدة؟‏هل يستطيع أن يصدّق أن هناك صقيعاً نفسياً ذابحاً يجعل الإنسان يتخلى عن كل شيء ويبيع الدنيا بهمسة ودّ؟‏ لا! عليه أولاً أن يحصل على كل شيء.... ثم يصاب بأمراض الوحدة والملل والفراغ... لذا راحت وهي تقدم له الشاي تحدثه عن أمور عادية. عن بلاده غريبة بلاد باردة بيضاء زارتها في طفولتها.....‏ومرّ الوقت.‏
ونظر إلى ساعته وابتسم قائلاً:‏الوقت معك يمضي بسرعة.‏
ونهض. فرافقته حتى الباب.‏ودّعها. وخرج.‏ ظلت واقفة تنظر إليه حتى غاب عن عينيها.‏
دارت في بطء على نفسها ودخلت على مهل.‏وبدا لها بيتها الواسع الدافئ موحشاً مخيفاً.‏
وراحت تدور في الغرف الرحبة، تبحث عبثاً في كل زاوية عن همسة ودّ.‏وحين وصلت إلى غرفة نومها الأنيقة المبطّنة بالستائر المخملية والسجاد. وقفت على العتبة.‏وسرت قشعريرة باردة في جسدها.‏منظر سريرها العريض المغطى بالرياض والفرو أخافها. لقد بدا واسعاً مُوحشاً كالصحراء.‏وبسرعة دارت لا شعورياً وعادت إلى حيث كانا جالسين. ووقفت محنية الظهر تحاول استحضار طيف الصديق الذي ذهب منذ لحظات.‏
وخيل إليها أنها تراه.‏هاهو يصل إلى بيته الصغير البارد. إنه يدخل على رؤوس أصابعه. ويتمهل في غرفة الجلوس أمام المدفأة المطفأة. إنه يتحسسها بيديه وهاهو يبتسم وقد يشعر بآثار نيران رقص حولها الأطفال.‏إنه يتأكد من أنها مطفأة، ثم يتجه إلى غرفة النوم الخالية من الستائر ومن السجاد ومن مدفأة.‏الجميع نيام.‏يقترب من الأطفال. يغلفهم بنظرات حنانه. ثم يحمل الغطاء الوحيد الذي تدحرج إلى الأرض ويضعه عليهم في سكون.‏وأخيراً هاهو يخلع ثيابه على عجل وينزلق مسرعاً، وهو يرتجف من البرد، تحت اللحاف الرقيق إلى جانب زوجه في السرير الحديدي الضيق... الضيق...‏
وأحست بنفسها فجأة وحيدة.. وحيدة كالحيوان المريض فحضنت ذراعيها بيديها، ورفعت كتفيها كما لتُغرق بينها رأسها المتعب. وتكوّمت خائفة مرتجفة في زاوية الديوان المريح...‏
وبصورة غريزية فاضت عيناها بالدمع..‏

سرسورة
17/09/2007, 04:59
شكرا ميمو....شكرا:D

ليندا
18/09/2007, 06:57
الصمت في حرام الجمال جمال :D

* سيادة العميد *
20/09/2007, 00:16
كوليت خوري ... بتقربني ... :pos:

سفينة البر
27/09/2007, 03:43
حلوة كتير بتودي الخيال لبعييييييييد وفي الآخر بيصحى من الوهم .... كتاباتك كتير حلوة

سفينة البر
27/09/2007, 03:50
الموضوع حلو كتير كتير ويا ريت تمتبلنا كمان علشان كتاباتك مشيقة جدا جدا ..... وشكرا:clap: