-
PDA

عرض كامل الموضوع : قصة قصيرة: قبر لزوجة أبي ....أسماء محمد دنون


dot
31/05/2006, 16:41
صرخ صرخته المعتادة وخرج خارج البيت في كل يوم ليسير بجانب القبور ويدك قدميه في العالم الآخر ويقول (أنا بهلوس) (أنا بهلوس)، يرددها حتى تتشقق شفتاه ويعتري لسانه الملل ويتصبب العرق من مسامات وجهه، وحتى يرتمي أرضاً ولا يشعر بنفسه إلا بالمنزل.
تلك حالته منذ وفاة أمه وزواج أبيه بالعقربة شكرية هكذا كان يناديها (شيكو العقربة)، ولم يكن يتلفظ بكلمة مرات ابوي.
وهكذا حتى يهل المساء كعادته المظلمة ويركض كالمصروع إلى أبيه ويقول (شيكو العقربة دستلي عقارب في فراشي ) ويرد ابوه رده المعتاد دي! زي أمك! فيضحك مغادراً أباه (أمي هي فين أمي دي عقربة) "أنا حوريكو". ثم يغمى عليه ويستيقظ في اليوم التالي إلى مشواره المعتاد.
(سمعت في يوم أن مرات أبوه حتلحقه وتشوف بيعمل إيه) هذه العبارة التي انتفض قلبه وتفجر ألى أشلاء متناثرة وتركه على الرصيف يئن عند (أم سالم ) الست التي تتردد كثيراً على منازل القرية وتنقل الاخبار.
وحدث نفسه: ولا يهمني هو أنا بعمل حاجة غلط.
سار مشوار اليوم ككل يوم بعد أن دق الصبح على نافذته مذكراً إياه حالة الطقس التي لم تعدل في المنزل فهب كالمجنون من فراشه وشعوره يمتزج بالنقمة والفرح وركض خارج المنزل وهو يسمع دقات شكرية تتبعه، وقال (حصرعها) وزأر زأرة الأسود ولف بقامته الطويلة (إنت بتعملي إيه ورايه ) هرول زهرول بسرعة نحوها ظنت أنه سيصفعها لكن خاب الظن!!! وقبض على يدها قبضة المجنون وسار بها إلى القبور.
لم تستطع أن تتلفظ بأي كلمة بما أن دور لسانها قد إلتغى وأصبح العقل يلعب.
وقف أمامها فخرق نظرها دون أية كلمة لتزيل الاستفهام عن عقلها، وأخذ بيدها وأصبح يترنح عند القبور ويغني (أنا بهلوس أنا بهلوس).
ذرفت الدموع كالمطر من عينها والأخرى ترقب بخوف ما يحصل..
وصل عند حفرة عميقة ونظر إليها وابتسم بلا معنى ورمى بنفسه فيها وسف التراب على نفسه وعاد يغني ( أنا بهلوس أنا بهلوس).
رمت بنفسها في الحفرة ونفضت بيدها التراب عن وجهه وصفعته ألماً رن له صوت القبور، فأحمرّ بياض عينيه وكأنها بصقت دماً في عينه وخرج من الحفرة وغمر التراب عليها وقال: (أنا ما بهلوسش أنت مرات أبويا). :hart: :hart: :cry: :hart: :hart: