-
PDA

عرض كامل الموضوع : كتاب الماركسية...الجزء العاشر.


dot
24/05/2006, 17:32
الفصل التاسع:

كيف يمكن تغيير المجتمع؟
في بريطانيا، الأغلبية العظمى من الاشتراكيين والنقابيين ظلوا يؤكدون بشكل عام أنه يمكن تغيير المجتمع بدون ثورة عنيفة.
كل ما نحتاجه، كما يقولون، هو أن يكسب الاشتراكيون الدعم الشعبي الكافي من أجل التحكم في المؤسسات السياسية التقليدية ـ البرلمان والمجالس المحلية.
عندئذ سيكون الاشتراكيون في وضع يسمح لهم بتغيير المجتمع عن طريق السيطرة على الدولة القائمة ـ الخدمة المدنية، السلطة القضائية، البوليس، القوات المسلحة لفرض قوانين في صالح الطبقة العاملة.
بهذه الطريقة تم الادعاء أن الاشتراكية يمكن أن تدخل حيز التنفيذ تدريجيا وبدون عنف ، عن طريق إصلاح الوضع الحالي. هذه الرؤية دائما ما يشار لها بالإصلاحية، على الرغم من أنك مرارا ستستمع للكلمة مقرونة بكلمات أخرى هي " المراجعة" (لأنها تتضمن مراجعة تامة لأفكار ماركس)، " الديمقراطية الاجتماعية" (على الرغم من أنه حتى 1914 كان هذا يعني الاشتراكية الثورية)، أو الفابية ( إشارة إلى المجتمع الفابي الذي طالما …
للرؤية الإصلاحية في بريطانيا). وهي رؤية يقبلها يسار وأيضا يمين حزب العمال البريطاني.
الإصلاحية، تبدو للوهلة الأولى، معقولة جدا.
فهي تتفق مع ما قيل لنا في المدرسة، في الصحف والتليفزيون ، من أن " البرلمان يدير البلاد" وأن " البرلمان ينتخب طبقا للرغبات الديمقراطية للشعب".
لكن على الرغم من أن كل محاولة لإدخال الاشتراكية من خلال البرلمان انتهت بالفشل:
كانت هناك ثلاث حكومات عمال بالأغلبية في بريطانيا بعد الحرب ـ بأغلبيات ضخمة في 1945 و 1966 ـ بالرغم من ذلك كله نحن لسنا أقرب للإشتراكية عما كنا عليه في 1945.
التجربة خارج بريطانيا هي نفسها. في شيلي في 1970، تم انتخاب الاشتراكي سلفادور الليندي رئيسا. وادعي الناس أن هذا كان " طرريقا جديدا" للتحرك نحو الاشتراكية.
بعد ثلاث سنوات، أطاح الجنرالات الذين طلب منهم الانضمام للحكومة بالليندي وتم تدمير حركة الطبقة العاملة الشيلية.
هناك ثلاث أسباب متصلة فيما بينها لضرورة فشل الإصلاحية دائما. أولا، بينما تقوم الأغلبيات الاشتراكية في البرلمانات بادخال الإجراءات الاشتراكية بالتدريج، تستمر القوى الاقتصادية الحقيقية باقية في أيدي الطبقة الحاكمة القديمة. ويمكنهم أن يستخدموا هذه القوة الاقتصادية لإغلاق أقسام كاملة من الصناعة، لخلق بطالة، لرفع الأسعار من خلال المضاربة والاختزان، لإرسال النقود للخارج خالقين أزمة في " ميزان المدفوعات"، لشن حملات صحفية تلوم الحكومة الاشتراكية على كل هذا.
لذلك أجبرت حكومة العمال ل " هارولد ويلسون" في 1964 ـ ومرة أخرى في 1966 ـ على التخلي عن الإجراءات التي كان يمكن أن تفيد العمال بسبب حركة النقود للخارج بالجملة التي تقوم بها الشركات والأفراد الأثرياء. يصف ويلسون نفسه في مذكراته كيف حدث هذا:"
لقد وصلنا الآن إلى الوضع الذي يقول فيه المضاربون الدوليون لحكومة جديدة منتخبة إن السياسة التي حاربنا على أساسها الانتخابات لا يمكن تطبيقها..الوزير الأول للملكة طلب منه اسدال الستار على الديمقراطية البرلمانية بقبول نظررية أن الانتخابات في بريطانيا هي كوميديا هزلية، وأن الشعب البريطاني لا يستطيع الاختيار بين سياستين".
نحتاج فقط أن نضيف أنه على الرغم من ادعاء ويلسون السخط، إلا أنه على مدى الستة سنوات التالية اتبع بالفعل نوعية السياسات التي طالب بها المضاربون.
نفس الخلق المتعمد لأزمة ميزان المدفوعات أجبرت حكومة العمال المنتخبة في 1974 على إدخال ثلاث مجموعات متتالية من التخفيضات في الإنفاق العام في المستشفيات، المدارس والخدمات الاجتماعية. حكومة الليندي في شيلي واجهت تفكك أكبر على يد المشروعات الكبيرة. مرتين تم اغلاق أقسام كاملة من الصناعة بسبب اضراب الرؤساء، حيث رفعت المضاربة الأسعار لمستوى ضخم وأدى تخزين رجال الأعمال للسلع إلى ( ) لضروريات الحياة.
السبب الثاني لعدم إمكانية إصلاح الرأسمالية هو أن آلة الدولة القائمة ليست محايدة، لكن مصممة، من أعلى لأسفل، لحفظ المجتمع الرأسمالي.
فالدولة تتحكم تقريبا في كل وسائل ممارسة الضغوط المادية ووسائل العنف. فإذا كانت مؤسسات الدولة محايدة، وتفعل أي شيء تطلبه منها أي حكومة بعينها، سواءا رأسمالية أو اشتراكية، إذن فالدولة يمكن أن تستخدم لوقف تخريب المشاريع الاقتصادية الكبرى. لكن أنظر للطريقة التي تعمل بها آلة الدولة ومن الذي يعطي الأوامر فعلا، وستستطيع أن ترى أنها ليست محايدة.
آلة الدولة ليست فقط الحكومة.
انها تنظيم واسع له أفرع عديدة مختلفة ـ البوليس، الجيش، السلطة القضائية، الإدارة المدنية، الناس الذين يديرون الصناعات الوطنية وما إلى ذلك. الكثير من هؤلاء الذين يعملون في هذه الأفرع المختلفة يأتون من الطبقة العاملة ـ فهم يعيشون ويتلقون رواتبهم مثل العمال.
لكن هؤلاء الناس ليسوا هم الذين يتخذون القرارات. الجنود العاديون لا يقررون أين ستخاض الحروب أو إذا كانت الإضرابات سيتم كسرها، كاتب الشباك في مكتب الضمان الاجتماعي لا يقرر حجم الإعانات التي سيتم دفعها.
آلة الدول كلها ترتكز على مبدأ أن هؤلاء الموجودين على إحدى درجات السلم يطيعون الموجودين على الدرجة الأعلى.
هذا هو بالضرورة الوضع في أقسام آلة الدولة التي تمارس عنف مادي.
الجيش، البحرية، القوات الجوية والبوليس. أول شيء يتعلمه الجنود بعد تجنيدهم ـ قبل السماح لهم بلمس الأسلحة بفترة طويلة ـ هو طاعة الأوامر.
لهذا فهم يتعلمون عمل تمرنات عبثية.
وإذا كانوا سيتبعون أوامر مجنونة على أرض العرض بدون تفكير فيها فمن المقدر أنهم سيطلقون النيران عندما يؤمروا بذلك بدون التفكير فيه هو الآخر.
وأفظع الجرائم في أي جيش هي رفض إطاعة الأوامرـ التمرد. وينظر لهذه الإساءة بشكل جاد جدا، حتى أن التمرد في بريطانيا خلال وقت الحرب ما زالت عقوبته الإعدام.

الفصل العاشر:

من يعطي الأوامر؟
إذا نظرت إلى سلسلة الأوامر في الجيش البريطاني والجيوش الأخرى فهي تسير حسب الرتب ( فريق ـ لواء ـ عميدـ..الخ) وفي كل مراحل سلسلة الأوامر تلك لا ينظر فيها الممثلين المنتخبين أو المستشارين المحليين.
فإطاعة مجموعة عساكر للعضو المحلي في البرلمان بدلا من ضابطهم يعد تمردا.
الجيش هو آلة قتل ضخمة.
الأشخاص الذين يديرونه ـ ويملكون سلطة ترقية ضباط آخرين لمناصب قيادية ـ هم الجنرالات.
بالطبع، نظريا الجنرالات مسئولون أمام الحكومة المنتخبة. لكن الضباط مدربون على إطاعة الجنرالات وليس السياسيين.
إذا اختار الجنرالات إعطاء أوامر لضباطهم تختلف مع رغبات حكومة منتخبة، لا تستطيع الحكومة ابطال هذه الأوامر.
يمكنها فقط محاولة إقناع الجنرالات لتغيير رأيهم.
اذا عرفت الحكومة نوعية الأوامر التي تعطى ـ لأن الشئون العسكرية مبنية على السرية، من السهل جدا على الجنرالات اخفاء ما يفعلونه عن الحكومات التي لا تعجبهم.
هذا لا يعني دائما ان الجنرالات دائما أو حتى عادة يتجاهلون ما تقوله لهم الحكومات. فمن العادة ان يتماشوا مع معظم ما تقترحه الحكومة.
لكن، في وضع حياة أو موت، يكون الجنرالات قادرين على تشغيل آلة قتلهم بدون الاستماع للحكومة، ولا يوجد الكثير الذي تستطيع الحكومة فعله في هذا الصدد.
هذا ما فعله الجنرالات في النهاية في شيلي عندما تمت الاطاحة بالليندي.
لذلك فان سؤال:"من يدير الجيش؟"
هو في الحقيقة "من هم الجنرالات؟"
في بريطانيا مثلا 80% من الضباط الكبار ذهبوا الى مدارس بمصاريف ـ وهي نفس النسبة من 50 عاما مضت (ولم يغير مجموع 17 عاما من حكم حزب العمال من ذلك).
وهؤلاء مرتبطون بملاك المشاريع الكبرى، ينتمون لنفس النوادي الأنيقة، يختلطون في نفس الأنشطة الاجتماعية، يشتركون في نفس الأفكار.
ونفس الشيء ينطبق على رؤساء اإدارة المدنية، القضاة، رؤساء البوليس.
هل تعتقدون أن هؤلاء الأشخاص سيطيعون أوامر الحكومة بنزع السلطة الاقتصادية من أصدقائهم وأقاربهم في المشروعات الكبيرة، لمجرد ان 330 شخصا دخلوا مجلس العموم؟
أليس الأكثر احتمالا ان يتبعوا نموذج الجنرالات الشيليين، القضاة وكبار العاملين في الخدمة المدنية، الذين خربوا أوامر الحكومة الاشتراكية المنتخبة لمدة ثلاثة سنوات ثم بعد ذلك وحين أصبحت الفرصة سانحة أطاحوا بها؟
عمليا، "الدستور" الموجود في بريطانيا يعني أن هؤلاء الذين يتحكمون في آلة الدولة سيكونون قادرين على اعتراض ارادة حكومة جناح يساري منتخبة أو باختصار على الاطاحة بها عمليا. اذا تم انتخاب مثل هذه الحكومة، ستواجه بتخريب اقتصادي كبير (اغلاق المصانع، تهريب الأموال للخارج، تخزين الضروريات، رفع الأسعار التضخمي).
واذا حاولت الحكومة التعامل مع هذا التخريب مستخدمة وسائل "دستورية" ـ بتمرير القوانين ـ ستجد أيديها مقيدة خلف ظهرها.
مجلس الأعيان سوف يرفض بكل تأكيد إجازة أي قانون بهذا الشكل ـ مؤخرا له تسعة أشهر على الأقل.
وسيفسر القضاة أي قانون يمرر بما يحد من قوته.
أما رؤساء الخدمة المدنية، الجنرالات ورؤساء الشرطة فسيتخدمون قرارات القضاة ومجلس ا؟لأعيان لتبرير عدم رغبتهم في فعل ما يقوله لهم الوزراء.
وستعضدهم في هذا كله الصحافة التي ستصرخ بان الحكومة تتصرف بشكل غير شرعي وغير دستوري. وهنا سيستخدم الجنرالات مثل هذه اللغة لتبرير الاستعدادات للاطاحة بحكومة غير شرعية. ستصبح الحكومة عاجزة عن التعامل مع الفوضى الاقتصادية. الا اذا تصرفت فعلا بشكل غير دستوري ودفعت موظفي الادارة المدنية العاديين وجنود الشرطة للانقلاب ضد رؤسائهم.
وحتى لا يتصور أحد ان هذا كله محض خيال، يجب ان نضيف انه قد كانت هناك مناسبتان على الأقل في التاريخ البريطاني الحديث دمر فيها الجنرالات قرارات الحكومة التي لم ترق لها.
في 1912 مرر مجلس العموم مشروع بقانون يسمح ببرلمان مستقل لحكم ايرلندا بشكل موحد يشمل شمالها وجنوبها.
أدان زعيم حزب العمال وقتها القانون والحكومة الليبرالية التي أصدرته واعتبر المجلس كيان سياسي غير شرعي قام ببيع الدستور.
وهكذا أخر مجلس اللوردات القانون لأطول وقت ممكن (سنتان وقتها)، بينما نظم وزير العمال السابق ادوارد كارسون قوة في شمال ايرلندا لمقاومة القانون.
وعندما قيل للجنرالات الذين يقودون الجيش البريطاني في ايرلندا ان يحركوا قواتهم شمالا للتعامل مع هذه القوة، رفضوا وهددوا بالاستقالة من مأمورياتهم.
وبسبب هذا الفعل الذي عادة ما يطلق عليه "تمرد" لم تحظ ايرلندا بشمالها وجنوبها ببرلمان موحد حتى يومنا هذا.

RaNaA
12/09/2006, 22:19
شكرا موضوع حلو :D
وعلى فكره احنا ما لازم نئول كيف بدنا نغير المجتمع اول كيف بدنا نغير انفسنا وهيكا هيكا بيتغير المجتمع

dot
27/09/2006, 17:09
شكرا موضوع حلو :D
وعلى فكره احنا ما لازم نئول كيف بدنا نغير المجتمع اول كيف بدنا نغير انفسنا وهيكا هيكا بيتغير المجتمع

:D :D :D :D :D :D :D :D

كلام سليم 100%.