-
PDA

عرض كامل الموضوع : النبي والحاكم البعثي الجائر


sajad
08/05/2006, 01:29
صمت غريب انتاب الحضور، رهبة عظيمة شلت الألسنة، قلوب خفقت
على وقع خطاه، سار نحو المنبر العتيق بصمت، احتشدت حوله الجموع بلهفة عمياء.
لقد عاد مرة أخرى، كان عليه إن يعظهم من جديد و أن يرسم في عقولهم دربا آخر للحياة.. كانت يداه ملئ بأوراق مهترئة توارثها عن أجداده الأنبياء، كانت مفعمة بكلمات و خطابات طوباوية رنانة سئم منها الذين سبقوه. كان مدركا أن كل ما سيقوله ويقال من بعده لن يكون سوى ثرثرة فارغة، لذا قرر في ذلك اليوم أن يزيل أقنعتهم الكاذبة و أن يظهر لهم ظلمة كواليسهم ،لأنه تيّقن من أنهم شعب لا يرضى بحق أو يدرأ باطل، و انه ظل وسيظل مدمنا علىً التبعية للمتجبر، و قاسياً على كل من هو اضعف منه. حينئذ دنا منه حاكم المدينة و قال له: "حدثنا أيها النبي عن الولاء و علّم شعبي معنى الانتماء، باركنا بشيء من حكمتك الخالدة و فسر لهم مفاهيم الإخلاص و المبادئ". فأجابه النبي بعد صمت عميق و بهدوئه المعتاد " أي ولاء و أي انتماء تريدني أن أحدثك عنه و اعلمه لشعبك، أنت و جلاوزتك لا تمتلكون ذرة من الولاء أو الانتماء فانتماؤكم هو عنصر ديمومتكم لا غير، و كل الذين سيأتون من بعدكم عليهم أن يركلوا بقايا إنسانيتهم كي يتسنى لهم الوصول إلى ما انتم عليه أو أكثر.. أنت تذكرني برجل دجال يعظ الناس بما لا يتعظ, لكن الحق أقول لك أنت و أمثالك لستم بدجالين، نعم أنكم تدعون الانتماء و الولاء و المبادئ و أنكم تتشدقون لعشرات من الشعارات و الأناشيد. لقد كنتم و ستظلون تتغنون من اجل حاكمكم الأعلى و أنكم تعيشون لنصرة المنتصر وأما الخاسر فيُسحق تحت أقدامكم.! انتم بارعون في قولبة أدمغتكم وتحترفون الازدواج بتطرف غريب.. أتذكر يا هذا انك و أمثالك كنتم يساريين متطرفين؟
و بعد أن ماتت اليسارية تحولتم إلى يمينيين متشددين متهسترين بالشعارات الجديدة..!
ثم التفت النبي للجموع وقال" كل هؤلاء الناس يهابون ظلك مع كرههم المقيت لك، مع انك لم تؤذيهم قط.. هم يعرفون عنك كل ما أسمعته لك و للمحيطين بك ألان لكنهم لم يعرفوا دافعك الحقيقي لما أنت عليه. هم لا يعرفوا أن كل ما تتمناه من هذه الحياة هو العيش بسلام وبأي ثمن كان ! و بعيدا عن كل المفاهيم, و عليهم أن يعوا أن الانتماء الحقيقي و الإخلاص و الولاء لا يُكَن لمخلوق على الأرض فكلها من اجل ألذات و رفعتها فقط, و كل من قال بغير ذلك فهو كاذب.!!"

حل المساء، أراد النبي شيئا من الراحة، رافقه البعض حتى وصل إلى الدار المخصصة لاستراحته.
مع بزوغ الفجر سُمِع عويل و بكاء كثير فقد قتل النبي بطعنات مجنونة مزقته أشلاء. و مع أن الكل عرف من هو القاتل إلا أن القضية قيدت ضد مجهول.!