-
PDA

عرض كامل الموضوع : مسرحية بفصل واحد ..


عاشق من فلسطين
21/12/2004, 15:21
-1-

لم يستطع يومها الهروب من ذكريات كانت تدمي عقله وتذبح فؤاده ..
منذ سنتين فقط كانا معا"..
منذ سنتين فقط كانا يحتسيان القهوة في أحد المقاهي ويتبادلن لاسجائر والأشعار والكؤوس ...
منذ سنتين كانا يبكيان معا" ...
ويفرحان معا"...
وييأسان معا"..
في كل شيء كانا متناغمين متلاحمين ...
كانا يحسان ببعضهما ... كما التوأم ..
كانا يخافان على بعضهما..كما الأم على ابنها..
كان أحدهما ضائعا" دون الآخر ..
ضعيفا" دون الآخر..
لكنهما اذا اجتمعا كانا منبعا" للقوة والطموح ...
في تلك الليلة ..
كانت المظاهرات مشتعلة احتجاجا" على بناء الجدار الفاصل في فلسطين...
لم تمنعهم العصي والخوذ العسكرية...
من الهتاف والصراخ والبكاء..
لم تمنعهم طلقات الرصاص في الهواء عن الالتحام ببعضهما أكثر وأكثر...
تفرق الجميع ..
وبقيا وحدهما..
في الساحة المظلمة ..بقيا وحدهما..
مئات من رجال الشرطة وحفظ النظام ..
وهما وحدهما..
لم يترك يومها أحدهم يد الآخر ..
قال له : باقون ..
فأجابه : حتى الموت ..
انهالت عليهما الهراوات ضربا" وتبريحا" ..
كان أكبر حجما" من صديقه ..
فحضنه وغطاه ... بجسده ويديه....
كان يتلقي الضربات دون أن يصرخ ..
فصراخه كان يأتي من صديقه..
- مرحبا" أين أنت سارح .. أحمد !
- عفوا" لم أنتبه اليك ..
- ألن تذهب الى المحاضرة ..
- لا فمزاجي ليس جيدا" هذا الصباح ...
كانت تنظر اليه بشفقة ..
كل يوم كان يجلس هناك ويحتسي القهوة ..
ويدخن علبة من السجائر.
كانت تحس بأنه يكره كل شيء ..
قهوته .. سجائره ...مذكراته ..
- حسنا" .. أراك بعد المحاضرة ..
- حسنا" ...
محمود ... صرخ بملء صوته ...
لكن عبثا"..
لقد أغمي على صديقه ..
أحس بذلك من ارتخاء جسده الضخم عليه ..
أمسكه وحضنه ..
كانت الدماء تغطي وجهه ..
واللطخ الزرقاء منتشرة على جسده بكثرة..
نظر الى رجال الأمن نظرة ملتهبة وانقض عليهم ....


-2-

ألم كبير يجتاح معصميه ..
حاول أن يفتح عينيه لكنهما كانتا ثقيلتين ..
سمع صوتا" :
- لم تقل لي الى أي تنظيم تنتمون ؟
عندها فتح عينيه ونظر الى مصدر الصوت...
كان أحد أباطرة الديمقراطية العربية بلباس المبيت..
- أين صديقي ..
أشاح الضابط بوجهه..
فصرخ ثانية" أين صديقي..
قال الضابط : لقد كانت حالته سيئة عندما أحضروه الى هنا ..
وقد حاولنا كثيرا" أن نوقظه لنستجوبه..
لكن عبثا" ...فأرسلناه الى مستشفى قريب ..
ولكن للآسف وصلنا متأخرين .
كان قد فقد دما" كثيرا" ..
- ثم ..
- لقد مات ...

لم يكن جالسا" على كرسي كهربائي ..
لكنه أحس بصاعقة تجتاح جسده وتغتصب أطرافه ..
تختد لدقيقتين ..
ثم انتفض بقوة جبارة كاسرا" قيوده ..
كيف... لا يعرف كيف لكنه كسرها..
وانقض على الضابط بيديه ...

-3-

محكمة..
نهض الجميع احتراما" للقاضي..
كانت قاعة المحكمة مليئة "بالحشود ..
بعضهم من زملاء الجامعة ..
وبعضهم من أقاربه ..
وبعضهم لا يعرفهم ..
تجول بعينيه با حثا" عن محمود ..
لكن عبثا"...
رأى أم محمود ..
كانت جالسة هناك ...
قوية" كما اعتادها...
فلسطينية" كما اعتادها..
في عينيها بحر من الدموع والأحزان المسجونة ..
- فلينهض المتهم ..
نظر بعينيه الى الضابظ المناوب فرأى وجهه مليئا" بالضمادات ..
لم يذكر بعد ما حدث معه منذ أسبوع ..
لكنه قال بعفوية مشيرا" الى الضابط المناوب ..
- ألم تسمع القاضي أيها الوحش قال فلينهض المتهم ..فانهض..
ضحكات سخرية ترتفع في القاعة ..
تليها ضربة مطرقة ...
هدوء ...هدوء..
عندها فقط استيقظ وانتعشت ذاكرته ..
فانتفض واقفا" وقال موجها" كلامه الى القاضي..
منذ أسبوع قام هذا الوحش مع مجموعة من كلابه المتعطشة بالدماء..
بقتل أعز أصدقائي..
كان يحميني بجسده ...
لكن الضربات كانت تنفذ الى جسدي من شدة قوتها وحقدها..
- يتوقف قليلا" ليمسح دموعه ويستجمع قوته ..
واستيقظت في اليوم الثاني على صورة هذا الوحش...
قال لي أن صديقك قد مات ..
ولا أذكر ما حصل بعدها..
لكنني أتمنى لو أني لم أره الآن في المحكمة ..
بل في غرفة التشريح لأتعرف على جثته القذرة..

-4-
- مرحبا" ثانية : هل تأخرت عليك...؟
أحمد ما بك ؟..
- نعم .. نعم ... ماذا ؟
لا لم تتأخري اجلسي..
- ما بك مضى أسبوع على خروجك من السجن ..
أما زلت تعيش في ذكرياته ..
آه منك يا أحمد ..
أرجوك أن تنسى كل ما حصل معك ...

-5-
الجلسة الآن للنطق بالحكم ( كان صداها في رأسه أقوى من كل شيء)
بعد الاستماع الى أقوال المتهم وأقوال الضابط المدعي وعناصره...
قررت المحكمة تبرئة الضابط وعناصره من تهمة القتل الموجهة اليهم من قبل المتهم أحمد ..
نظرا" لحدوث الوفاة نتيجة قيامهم بواجبهم وعملهم ..
للحفاظ على أمن هذا الوطن ..
والحد من المشاغبات والمظاهرات العشوائية ..
وقررت تجريم المتهم أحمد ..
بجرم الايذاء المقصود بحق الضابط سيف الدين ...
وبجرم القيام بمظاهرات عشوائية ..
وعليه ..
قررت الحكم عليه بالسجن لمدة سنتين ...
رفعت الجلسة..

-6-
- أحمد أين ذهبت ثانية ؟..
أنظر الي .. أرجوك للمرة الألف أن تنسى ما حصل معك... لأجلي ولأجل أمك المسكينة...
- أنسى ما حصل معي من أجلك ومن أجل أمي المسكينة ..
وحنان وأم محمود أليسا مساكين ...
- لم أقصد ذلك ..
- لم تقصدي ذلك ... كيف أنسى روحي التي هربت منذ سنتين مع محمود ..؟!
كيف أنسى دموع حنان .. وهي تلبس ثوب عرسها وتحضن ضريح عريسها محمود وتقبله قبلة الوداع ...؟!
كيف أنسى أم محمود التي كان صمتها أكثر صخبا" وايلاما" من آلاف الدموع ...؟!
كيف أنسى فلسطين ...؟!
- فلسطين .. !
ومن قال لك ان تنسى فلسطين ...؟!
- ان نسيت ما حصل معي أكون في طريق النسيان .. نسيان فلسطين ..ففلسطيني هي محمود وأم محمود وحنان وأخوتي هنا في المنفى....
- المنفى ..؟!
أنك في بلد عربي يا أحمد في بلد شقيق لفلسطين ...
- لا .. لا.. أي مكان في العالم خارج فلسطين هو منفى ..
ثم فلسطين ليس لها أشقة .. لا عرب ولا أجانب ..
أخوتها ماتوا منذ زمن مع العروبة ..
انها الآن كالله واحدة أحد .. صامدة صمد ..
وحيدة على ابويها ..
لا أخوة لها أو أخوات ..
وحيدة على هذا العالم ....
أنها روح الله في الأرض ..
- حسنا" ... حسنا"... أرجوك لا تبكي يا أحمد ..
- ضميني .. كأني طفل صغير...
أمنحيني الحنان.. كأني يتيم...
خذيني الى فلسطيني...

ستار

Kakabouda
21/12/2004, 18:06
ما بقلك غير تابع تابع تابع
أحلا تحية :D

عاشق من فلسطين
21/12/2004, 19:30
ما بقلك غير تابع تابع تابع
أحلا تحية

مشكور كتير أبو جريج وأنا ما رح قلك غير ... لن يكف القلم عن البكاء حتى.. يرفرف علمنا في السماء

Fares
21/12/2004, 21:38
رأى أم محمود ..
كانت جالسة هناك ...
قوية" كما اعتادها...
فلسطينية" كما اعتادها..
في عينيها بحر من الدموع والأحزان المسجونة ..




هكذا علتنا المرأة الفلسطينية دائما أن تكون...
قوية ، جبارة ، حكيمة.. وبنفس الوقت أنثى.........

عاشق من فلسطين
22/12/2004, 15:21
هكذا علتنا المرأة الفلسطينية دائما أن تكون...
قوية ، جبارة ، حكيمة.. وبنفس الوقت أنثى.........

وستبقى كذلك...

Kakabouda
23/12/2004, 18:32
الله محيي أصلك يا عاشق ( القضية ) :D :D

عاشق من فلسطين
23/12/2004, 18:48
الله محيي أصلك يا عاشق ( القضية )

شكرا"..
يا عذب الكلمات

Kakabouda
27/12/2004, 18:42
برجع بقلك بس تابع و ما عليك بالباقي :D

عاشق من فلسطين
28/12/2004, 14:52
برجع بقلك بس تابع و ما عليك بالباقي

يعني والله ما بعرف شوي بدي أحكي بس بارك الله فيك ..

Kakabouda
28/12/2004, 19:27
بارك الله بكتاباتك يا عاشق ..
دمتم
تحياتي :D :D

عاشق من فلسطين
29/12/2004, 15:20
:D :D :D

abosleman
21/10/2007, 12:43
....up :D

ASH
21/10/2007, 13:09
بدنا المتابعه وينها

يسلمو هل ايدين يا عاشق :D

phoenixbird
22/10/2007, 10:31
انو حلو الاسلوب بس هاد مومسرح بقدرما هو خاطرة او قصص مجتمعة

sezar
27/10/2007, 04:00
بدنا المتابعه وينها

يسلمو هل ايدين يا عاشق :D
بيبقى بتابع من عند بيت خالتو :D

ASH
27/10/2007, 04:13
بيبقى بتابع من عند بيت خالتو :D
ايووووووووووووون لا توخزوني ما شفت التاريخ كلو لانو :D

ASH
27/10/2007, 04:13
بس فعلا متل مانو كتاب بالعنوان ، مسرحيه بفصل واحد لانو ما كمل غير هل فصل منها

زوربا
27/10/2007, 04:42
فك أراب ... :jakoush: