-
PDA

عرض كامل الموضوع : الرسالة الدولية لليوم العالمي للمسرح


butterfly
29/03/2009, 22:48
كل المجتمعات الإنسانية فرجوية في حياتها اليومية، وتنتج عروضا لأجل مناسبات خاصة. إنها فرجوية من حيث هي تنظيم اجتماعي، وتنتج عروضا شبيهة بالعرض الذي تحضرون لمشاهته.

حتى وإن لم نعي ذلك، فالعلاقات الإنسانية مبنية بشكل مسرحي : استعمال الفضاء؛ تعبيرات الجسد؛ اختيار الكلمات وتكييف الصوت؛ مواجهة الأفكار والأحاسيس. كل ما نقوم به على الخشبات، نقوم به في حياتنا : نحن المسرح!

ليست الأعراس والمآتم عروضا فرجوية فحسب، بل هي أيضا طقوس يومية ومألوفة بحيث لا تلامس وعينا من حيث هي كذلك. وليس فقط المناسبات الكبرى.. بل أيضا قهوة الصباح والتحيات المتبادلة، الحب المحتشم و الصراعات العاطفية، مجلس النواب و الاجتماع الديبلوماسي كل ذلك مسرح.

واحدة من الوظائف الأساسية لفننا، هي أن ينقل إلى وعينا العروض الفرجوية للحياة اليومية، حيث الممثلون متفرجون في الآن ذاته، وحيث الخشبة و القاعة متداخلان، كلنا فنانون : ونحن نمارس المسرح؛ نتعلم كيف نرى ما يتجسد أمام أعيننا. إلا أننا غير قادرين على رؤية ما اعتدنا على مشاهدته. فما نألفه يصير لا مرئيا : ممارسة المسرح معناه أن نضيء الخشبة بحياتنا اليومية.

في شهر سبتمبر الفائت، فوجئنا بكشف مسرحي : نحن الذين نعتقد أننا نعيش بعالم آمن، رغم الحروب،و الإبادات، و المجازر، والتعذيب الذي يُقترف - بكل تأكيد- لكن بعيدا عنا، في بقاع نائية ومتوحشة، نحن الذين نعيش بأمان رفقة أموالنا المكدسة بأبناك محترمة، أو بأيدي سمسار نزيه بالبُرصة، نُبَلغ بأن هذه الأموال غير موجودة، وبأنها أموال مفترضة، خيالٌ بمذاق فاسد لبعض الإقتصاديين الغير متخيَلين، ولا المتيقنين، ولا المحترمين. كل هذا لم يكن سوى مسرحا رديئا، بحبكة قاتمة، حيث قليل من الناس ربح كثيرا، و/ أو كثيرون خسروا كل شيء. سِيَاسيُو بلدان غنية عقدوا اجتماعات سرية، ليخرجوا بحلول سحرية. ونحن، ضحايا قراراتهم بقينا كمتفرجين جالسين بالصفوف الأخيرة.

منذ عشرين سنة خلت، أخرجت مسرحية "فيدرا" بمدينة "ريو دي جانيرو" كانت قطع الديكور فقيرة : جلود بقر على الأرضية، محاطة بالخَيَازرْ. قبل كل عرض، أقول للممثلين : "ما أبدعناه من خيال يوما بعد يوم انتهى، عندما تعبروا تلك الخَيازرْ، لا أحد منكم له الحق في الكذب.فالمسرح، حقيقة مخبوءة."

عندما نتجاوز بنظرنا المظاهر، نرى أن ثمة قاهرين ومقهورين، في كل المجتمعات، والأعراق، والأجناس، والطبقات والنخب. نرى عالما ظالما وقاسيا. علينا أن نخلق عالما آخر، لأننا نعلم أنه بالإمكان خلق عالم آخر. لكن بنائه مرهون بأيدينا، بدخولنا المشهد، على الخشبات وبحياتنا اليومية.

تعالوا لمتابعة العرض الذي سيبدأ؛ وأنتم عائدون إلى بيوتكم، رفقة أصدقائكم، العبوا مسرحياتكم الخاصة، لترون ما لم تستطيعوا قط رؤيته : ما يقفز إلى العيون، المسرح ليس حدثا فحسب، إنه طريقة عيش!

كلنا ممثلون : أن تكون مواطنا، لا يعني العيش داخل مجتمع، بل تغييره.

27/2/2009

أوغستو بوال
ترجمها عن الفرنسية عبدالجبار خمران
:akh:

butterfly
01/05/2009, 16:48
على المسرح ان يعيد اكتشاف ذاته

الفرضيات حول نشأة المسرح عديدة، لكن فرضية تستهويني أكثر من غيرها، ولها شكل حكاية أسطورية:

في إحدى ليالي ذاك الزمن السحيق، تجمّع رجال في مقلع للحجارة طلباً للدفء حول نار مشتعلة وتبادل القصص والأحاديث. وفجأة، خطر في بال أحدهم الوقوف واستخدام ظله لتوضيح حديثه. ومن خلال الاستعانة بضوء اللهيب، استطاع أن يُظهر على جدران المقلع شخصيات أكثر جسامة من أشخاص الواقع. فانبهر الآخرون، وتعرّفوا من دون صعوبة إلى القوي والضعيف، والظالم والمظلوم، والإله والإنسان البائد.

وفي أيامنا هذه، حلت مكان نيران المباهج التي توقد في المناسبات الخاصة والأعياد الأضواء الاصطناعية، وجرى الاستعاضة عن جدران المقلع بآلات المسرح المتطورة. لكن مهما كان رأي المحافظين، فإن هذه الحكاية تذكرنا بأن التكنولوجيا تواكب المسرح منذ نشأته وأنه لا يجب النظر إليها وكأنها تهديد له وإنما كعنصر موحد.

كما يتوقف بقاء الفن المسرحي على قدرته في إعادة اكتشاف نفسه من خلال دمج أدوات ولغات جديدة. وإلا، فكيف للمسرح أن يبقى شاهداً على التحديات الكبرى لعصره، وأن يشجع الوفاق بين الشعوب إن لم يثبت هو نفسه عن انفتاحه؟ وكيف له أن يتباهى بتقديم حلول لمشاكل التعصب والاستبعاد والعنصرية، إذا كان في ممارسته الفعلية يرفض الخليط والدمج؟

يجب على الفنان، في سعيه إلى تمثيل العالم بكل تعقيداته، أن يقترح الأشكال والأفكار الجديدة، وأن يثق بذكاء المشاهد القادر على تمييز الجانب الإنساني في اللعبة المتواصلة بين الضوء والظلام.

صحيح أن الإكثار من اللعب بالنار يعرّض الإنسان لألسنة اللهب، لكن الإنسان يمنح نفسه أيضاً، بهذه المجازفة، فرصة الإبهار والتألق.

المسرحي الكبير روبير لوباج من الكيباك
27/3/2008

butterfly
04/07/2009, 22:21
الرسالة الدولية ليوم المسرح العالمي 2007





بقلم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي

عضو المجلس الأعلى بدولة الإمارات العربية المتحدة – حاكم إمارة الشارقة


عضو المجلس الأعلى بدولة الإمارات العربية المتحدة – حاكم إمارة الشارقة





المسرح، هذا العالم الساحر، تعرفت عليه عشقًا وحبًا منذ نعومة أظفاري عندما انجذبت إليه تأليفًا وتمثيلاً وإخراجًا من خلال المراحل الدراسية الأولى. كانت البداية عفوية لم أحملها أكثر من كونها نشاطًا مدرسيًا يغني الروح والعقل، ولم أدرك جوهره الحقيقي إلا عندما تصديت لتأليف وإخراج وتمثيل عمل مسرحي سياسي أغضب السلطة حينها، فقامت بمصادرة كل ما كان في المسرح وتم إغلاقه أمام عيني، فما كان من روح المسرح، لدى مشاهدتها العساكر بأسلحتهم، إلا أن تلجأ وتستقر في الوجدان، حينها أدركت قوة المسرح وجبروته، وبخاصةً في مواجهة من لا يتحمل الرأي الآخر، وتيقنت من الدّور الخطير الذي من الممكن أن يلعبه المسرح أو يقوم به في حياة الشعوب.

ثم تجذّر هذا الإيمان وتعمّق في وجداني طوال سنوات دراستي الجامعية في القاهرة، من خلال ما نهلت من كل كُتِب عن المسرح وما شاهدت من عروض بكل أنواعها، كما تعمق هذا الوعي في السنوات اللاحقة من خلال متابعاتي للمسرح الأوربي بشكل عام، والمسرح الانجليزي خاصةً إبان مواصلة دراساتي العليا.

ومن خلال قراءاتي في المسرح منذ عهد الإغريق حتى يومنا هذا أدركت السّحر الكامن في عوالم المسرح في سبر أغوار النفس البشرية ومكنوناتها، وفتح المغاليق التي تحتويها، مما رسخ لديّ قناعة واسعة أن المسرح بوصفه هذا يشكل عامل توحد إنساني يستطيع من خلاله الإنسان أن يغلّف العالم بالمحبة والسلام، ويفتح آفاق حوارات بين مختلف الأجناس والأعراق والألوان على اختلاف معتقداتهم الإيمانية، فكان عاملاً مضافًا لي في تقبل الآخر على ما هو عليه، وأدركت أن الخير يوحد البشر، وأن الشر يفرقهم.

فإذا كان ناموس المسرح قائمًا على صراع الخير والشر في جوهريهما إلا أن طبيعة الإنسان السوية في الغالب الأعم ميّالة ومنحازة إلى جانب الخير.

الحروب التي حاقت بالبشرية منذ قديم العصور بواعثها مكنونات شريرة لا تقدر الجمال. والجمال المكتمل لا يتوفر في فن من الفنون بقدر ما هو عليه في المسرح، فهو الوعاء الجامع لكل فنون الجمال، ومن لا يتذوق الجمال لا يدرك قيمة الحياة. والمسرح حياة، فما أحوجنا اليوم إلى نبذ كلّ أنواع الحروب العبثية والاختلافات العقائدية التي تؤجج من دون وازعٍ من ضميرٍ حيّ، ومشاهد العنف والقتل العشوائي تكاد تغّلف المعمورة بأسرها، مصحوبة بهذه الفوارق الشاسعة بين غنىً فاحشٍ وفقرٍ مدقع، بين أجزاءٍ من العالم المنكوبة بأوبئة لا تتظافر قوى الخير من أجل القضاء عليها كأمراض الإيدز وغيرها من الأوبئة المستوطنة، إلى مشكلات التصحّر والجفاف في ظل انعدام الحوار الحقيقي مع بعضنا بعضًا من أجل العالم الذي نعيش فيه مكانًا أفضل.

يا أهل المسرح، إن عاصفةً قد حلّت بساحاتنا من شدة ما يُثار حولنا من غبار الشّك والريبة، حتى كادت تحجب وضوح الرؤية لدينا، وأصواتنا لا تصل آذان كلٍ منّا من كثرة الصراخ والفرقة التي تباعد بين الشعوب، وتكاد العاصفة تطوح بنا لتبعدنا عن بعضنا لولا إيماننا الراسخ بدور المسرح القائم على الحوار أصلاً.

إذاً، لابد لنا من التصدي والتحدي لمن ينفخ في تلك الأبواق لإثارة تلك العواصف، ليس لتحطيم هذه الأبواق، ولكن بالنأي بأنفسنا عن تلك الأجواء الملوثة، وتكريس جهودنا بالتواصل وإقامة علاقات المودة مع المنادين بالتآخي بين الشعوب.

نحن كبشر زائلون، ويبقى المسرح ما بقيت الحياة.





سلطان بن محمد القاسمي

////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////

الكونتيسة لولو
10/09/2009, 03:57
ميرسي كتير

اسبيرانزا
10/09/2009, 14:51
كتير قيمة هون

butterfly
11/09/2009, 17:59
الرسالة الدولية لليوم العالمي للمسرح 2006
فيكتور هيجو راسكن باندا



يجب علينا أن نعتبر كل يوم يمر بنا يوماً للمسرحِ العالميِ، لأن شعلة المسرح تأججت في ركن من أركان عالمنا خلال القرون العشرين الماضية.
لقد تعرض المسرح دائماً إلى خطر الانزواء، وخصوصاً مع بزوغ شمس السينما، والتلفزيون، والوسائط الرقمية التي ازدهرت بدورها في يومنا هذا. لقد غزت التكنولوجيا خشبة المسرح ودمرت البعد الإنساني فيه، وقامت محاولات لخلق مسرح بلاستيكي، كنوع من التصوير الحركي البديل للكلمة المنطوقة. ومثلت المسرحيات بدون حوار أو إضاءة أو ممثلين، باستخدام الدمى والعرائس التي تدعمها مؤثرات ضوئية متعددة.
لقدحاولت التكنولوجيا أن تحول المسرح إلى عرض ألعاب نارية، أواستعراضتافه. أما الآن فإننا نشهد عودة الممثلين لمواجهة الجمهور. اليوم، نشهدعودةالكلمات إلى خشبة المسرح.لقد تنازل المسرح عن عرش التواصل الجماهيري وأدركحدودهالأصيلة، أي المواجهة بين اثنين، يتواصلون بالمشاعر والانفعالات والأحلاموالآمال. لقد تخلى الفن المشهدي عن قص الحكاية لصالح مناقشة القضايا والأفكار.إنالمسرحيتحرك ويضيء ويزعج ويعكر الصفو ويحرك الروح، ويكشف، ويثير، وينتهكالتقاليد. انه حوار مشترك مع المجتمع. المسرح هو الفن الأول الذي يتحدى الخواءوالظلالوالصمت، لكي يجعل الكلمات والحركة والأضواء والحياة تتدفق بلاتوقف.
المسرحهو كائن حي يحطم نفسه كلما اكتمل بناؤه، لكنه دوماً ينبعث ويتوهج منالرماد. انه تواصل سحري يأخذ الناس فيه أو يمنحون شيئاً يغير حياتهم. المسرحيعكسالآلام الوجودية للجنس البشري، ويكشف غموض الوضع الإنساني. ليس صناع المسرح هممن يتكلم من خلاله، وإنما المجتمع في عصره هو الذي يتكلم.للمسرح أعداؤهالمعروفين،الافتقار إلى التعليم الفني في الطفولة مما يعوق الاكتشاف والاستمتاعبه،والفقر الذي يغزو العالم والذي يُبعد الجمهور عن المسرح، وإهمال الحكوماتواستخفافهابالمسرح في الوقت الذي ينبغي عليها أن تشجعه.لقد اعتدنا أن نرى الآلهةوالبشروهم يتحدثون إلى بعضهم البعض على خشبة المسرح، أما الآن فالبشر يكلمونأنفسهم. ولذلك ينبغي على المسرح أن يكون أسمى وأفضل من الحياة ذاتها. المسرح هو فعلمنأفعال الإيمان بقيمة الكلمة التي تنم عن الحكمة في عالم فقد عقله. انه تعبير عنالإيمانبالبشر الذين هم مسؤولون عن مصائرهم.علينا أن نجرب المسرح، لا لكي نفهم مايحدثلنا ،أو ننقل الألم والمعاناة التي تحيط بنا من كل ناحية فحسب، وإنما لكينلمح بصيص الأمل وسط الفوضى والكوابيس التي نعيشها في حياتنا اليومية.
فليحيا المشاركون المقدسون في طقوس المسرح! فليحيا المسرح!

فيكتور هيجو راسكن باندا
كاتب مسرحي – فنزويلا

butterfly
11/09/2009, 18:04
رسالة اليوم العالمي للمسرح 2005- أريان نوشكين
الممثلة والمخرجة والكاتبة الفرنسية أريان نوشكين أحد مؤسسي مسرح الشمس بفرنسا
أيها المسرح إني أطمئن إليك، فأنجدني!
أنا أغط في النوم، فأيقظني.
أنا تائهة في دياجير الظلمة، فخذ بيدي، وأقله أرشدني نحو شمعة مضاءة.
خاملة أنا، فاجعلني أخجل من خمولي،
متعبة أنا، فابعث في روحي الهمة،
اصفعني حتى أتخلص من لامبالاتي،
وان بقيت بلا مبالاة، كرر الصفعة أيضا.
الخوف يحاصرني، فكن أنيسي وشجعني.
والجهل يعميني، فعلمني.
أصبحت متوحشة، أعدني إلى إنسانيتي.
وإذا كنت مغرورة، فاجعلني قادرةً على السخرية من غروري.
أو كنت متهكمةً، فأخرس لساني، فلا ينطق.
غيرني لكي لا أكون حمقاء جاهلة.
وعاقبني حين أكون شريرة.
أريدك أن تقاوم ما في داخلي من طغيان وقسوة.
وأن تضحك متندراً من ابتذالي.
أريدك أن ترتقي بي وتخلصني من انحطاطي.
وأن تحل عقدة لساني، حين يكون لساني معقوداً.
وما دمت قد كففت عن أن أحلم، عليك أن تصمني بالجبن والغفلة.
أعد إلي قوة الذاكرة لأسترجع ما نسيت.
أعد إلي فرح الطفولة لأنني أصبحت أشعر بوهن الشيخوخة والموات.
أنا مغمومة، أيها المسرح، فدع قلبي يفرح بموسيقاك.
حزينة أنا، فاجعل الفرح عزاء لوحشتي.
وأنا صماء لا أسمع، فاجعل من الألم عاصفة مدوية.
مستثارةٌ أنا، فلتكن حكمتك دوائي.
واجعل من قوة الصداقة شعلة أتغلب بها على ضعفي.
أوقد لي كل نيران الأرض لأتغلب بها على عمى بصري.
واسمح للجمال أن يقتحم طغيان البشاعة.
وأطلق كل قوة الحب لانتشالي من جحيم الحقد الذي يحاصرني

butterfly
11/09/2009, 18:17
رسالة اليوم العالمي للمسرح 2004-فتحية العسال

المسرح أبو الفنون
المسرح أبو الفنون، هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان.
لذلك كتبت إهداء له... عشقي الأول والأخير.
لقد آمنت بأن أهم ما يميّز الكاتب المسرحي هو امتلاء روحه برسالة انسانية سامية ينشرها بين الناس من أجل الارتقاء بحياتهم وتحريرهم من كل عوامل القهر والاستغلال وانتهاك الكرامات.
ولكي يبلغ هذا الكاتب رسالته ويؤثر في حياة الناس، لا بد له من إتقان صنعته والسيطرة على أساليب التعبير الفني، وإلا تتبدد رسالته أدراج الرياح دون أن تخلف وراءها أثراً أو تحقق هدفاً... ففي كل الأعمال الفنية اقترنت دائماً الرسالة الانسانية العادلة بنضج التعبير الفني وأصالته. لذلك من الخطأ أن نزيد من أهمية أحد العنصرين على حساب الآخر.
يقال ان المسرح كفن يعتمد على البناء المحكم الخالي من كل زيادات، والحوار المركز المكثف البعيد عن الثرثرة، لا يتلاءم مع طبيعة المرأة التي لا تستطيع الانفصال عن ذاتها، وبالتالي تعجز عن تقديم النظرة الموضوعية اللازمة. وهنا أجيب: ان المرأة التي تعرف الحمل طوال تسعة أشهر، قادرة أن تبني مسرحية محكمة ومتماسكة، شرط أن تكون حقاً كاتبة مسرحية، لحسن الحظ، أن المسرحية الحديثة تحررت من الأشكال التقليدية نتيجة موجات التجديد المتعددة التي بدأها (بيراندللو) و(برنارد شو) و(برشت) وغيرهم من كتّاب المسرح العبثي والغضبي، ومن المجددين والتجريبيين. فأصبح من النادر اليوم أن نجد كاتباً كبيراً يقدّم مسرحية في إطار البناء التقليدي.
في مسرحيتي الأولى "نساء بلا أقنعة" اخترت صيغة "المسرح داخل المسرح" الصيغة التي أصبحت مألوفة في المسرح الحديث.
بدأت مسرحيتي بصرخة وبسؤال، لأنني كنت أشعر أني حبلى بالكلمة من عشرات لا بل من مئات السنين.
فهل آن الأوان لآلام المخاض أن تعتصر أعماقي وتدفع بكلمتي للوجود... كلمتي... حبيبتي... طفولتي... ابنتي، أسمع صوتها المختلف عن كل الآهات والأنات المستضعفة المكبوتة المقهورة والمهزومة، والتي يتردد صداها عبر أجيال وأجيال وينوء بها، وبكل المخزون، من رفض للقهر والتبعية، ضمير التاريخ الانساني... رفضت أن أخط خطاً واحداً على الورق ما لم يكن نابعاً من أعماقي، ومعبراً عن حقيقة المرأة وقدرتها على العطاء، لذلك استحلفت قلمي بأن يتوقف ولا يسطر حرفاً واحداً مستضعفاً أو مقهوراً، إن شعر أني قد جبنت عن قول الحقيقة. ثم طلبت منه أن يساعدني على أن أخرج إلى الوجود، عدداً من النساء أعايشهن وأتقرّب منهن مكتملة بألسنتهن... بذلك نتعرّى تماماً أمام أنفسنا ونجلو صدأ السنين ونصرخ في وجه الظروف والأوضاع التي حرمتنا من تفجير طاقاتنا البشرية.
إنني أؤمن أخيراً، أن المسرح هو الضوء الذي ينير للانسان الطريق. ويؤمن التواصل مع المشاهد. التوصل الذي يولِّد الدفء بيننا سواء كنا أمام النص المسرحي أو أمام خشبة المسرح.
(27 آذار 2004)

saidettaki
18/09/2009, 07:33
شكرا على الموضوع