-
PDA

عرض كامل الموضوع : مازوخيا.. ومزامير فجائعية..


مـــــداد
11/03/2009, 18:08
في البدء كان صنماً متشرنقاً في تجويف ذاكرة..
يعتريه قلقُ مكحّلٌ الخطايا.. ولا سبيل..
كان نبيّاً تخلّت عنه الملائكة..
كان ليلاً يداعبُ نهدَ الفجر..
وكانَ هو.. هو..
ولا سبيل..
* * *
هُنا محرابٌ للقداسة.. فاخلع النعل..
وقدّس الروح في علاه..
واخشع..
ثم اخشع..
..
..

مـــــداد
11/03/2009, 18:10
(المزمور الأول..)

على بُعد موتين أو أدنى أرتّل آخر التعاويذ الفجائعية في مساءٍ ماكر، وما زلتُ جاثياً على رمق الموت في مرمى الزّناد متأبطاً جُبناً لا يجرؤ على إصدار ذلك الهزيع الأخير من الصوت، ولا شيء يحتويني سوى مزمورٌ فجائعي أخير لرجل يتقنُ الحزن ويتلذّذ بمازوخية هستيرية وهو ينكأ جروح الأمكنة المتعفّنة المتكاثرة على نتوءات جسده، كمرضٍ مستعصٍ يكيل له صاحب الوجه الممهور بالتعاسة مديحاً مع آخر ترتيلة لآخر مزمور يبثه كفحيح أفعى مجلجلة..


أنظرُ حولي ويتسيّد الصمت الموقف، أراقب أوهامي المنزلقة على جُدران غرفتي الرمادية، تلك التي دفنتُ فيها العديد من الأسماء الطينية، مُحافظاً على (السيد الصمت) حتى لا أصيبه بارتعاشة اليقظة. أتحرّك بهدوء بين قطعي المتناثرة في أرجاء الغرفة.. قدمي.. ساقي.. عيني.. كبدي.. كف يدي اليسرى.. أصابع يدي اليمنى.. وهذه الأخيرة ما زالت تمسك بالقلم لسبب أحاول أن أتجاهله. ضوء ثقيل يخرج من شق في جدار الألم خاصتي.. يقضّ مضجعي ويصيبني بالعمى المؤقت.. أشتم حظّي وأيامي.. وسنيني.. وكل شيء يتحرك ولا يتحرك.. أنتزع وجهي وأدقّه بمسامير على الحائط ثم أبصق عليه مراراً ومراراً ومراراً..

ربيع الأحزان
12/03/2009, 17:39
رائع جدا

تسجيل لمرور أول
وإعجاب بحرفك البهي

أنتظر جديدك
شكرا:D

مـــــداد
16/03/2009, 15:17
رائع جدا

تسجيل لمرور أول
وإعجاب بحرفك البهي

أنتظر جديدك
شكرا:D


ربيع الأحزان.. يا لغرابة الاسم..
أعجبني..

شكراً للمرور.. رغم قلة المارّة في أزقتي.. إلاّ أن مرورك أسعدني بحجم المدى..

ودّ..
وَ..
..
ورد..

Najm
16/03/2009, 15:52
تحية إليك وسلام إلى لغتك الجميلة التي تعزف لحنا وقف له داوود مهللا ناسيا مزاميره

مـــــداد
18/03/2009, 17:45
تحية إليك وسلام إلى لغتك الجميلة التي تعزف لحنا وقف له داوود مهللا ناسيا مزاميره

السلام عليكَ في تفاصيل الأمكنة المهجورة..

وفي صفحات الحكايا المنسية..
السلامُ على طهرك..
وعلى المياه الغارقة في عينك..
تغسل منك موضأ الصلاة..
وتيمّم منك رائحة البخور..
عليك مني سلام المدن..
وتحية نور..
تداعب صحوة الظهيرة..
وترمي بخيوط الجلال.. لبياض روحك..
القاطنة في هجعة الليل..
تتلو في هزيعه نافلة..
لزلال الماء.."
..
..
..

يارسينيا
18/03/2009, 18:38
سيدي الكَريمْ؛ لو استطعتُ أنَّ أقنعَ بُكاءَّ الطفلِ عِندَ الولادة.. وكأنهُ يستقبل الحياة بدمعة ألمْ وندمْ..

رُبما يجب علينا أن نتألمْ وأن ( نستمتع بهذا الألم ) كي نُدركَ ماهية هذه الحياة.. لكيّ نقرأ في سطورِها نِقاطُ البُكاء.. تعتلي أجسادُنا البلهاء..

سيدي الكريم؛ قراتُ فهذيت.
راقَ لي ما ذرفتُهْ

SelavI
18/03/2009, 20:21
تعددت المزامير واللحن واحد

فالذي يمنحك مزمار هل لا يلمحك ابدا فيحثكَ على ان تقتني الزناد جلادا له ونفسك زنزانة الخيبة

تلك ليلة سوداء لنفس مجهولة, فابتهج . . . نفسك على الاقل لا تجهلك

مداد الانفس مداد الحياة

مـــــداد
22/03/2009, 13:35
سيدي الكَريمْ؛ لو استطعتُ أنَّ أقنعَ بُكاءَّ الطفلِ عِندَ الولادة.. وكأنهُ يستقبل الحياة بدمعة ألمْ وندمْ..

رُبما يجب علينا أن نتألمْ وأن ( نستمتع بهذا الألم ) كي نُدركَ ماهية هذه الحياة.. لكيّ نقرأ في سطورِها نِقاطُ البُكاء.. تعتلي أجسادُنا البلهاء..

سيدي الكريم؛ قراتُ فهذيت.
راقَ لي ما ذرفتُهْ



الاسم يشرّع الأبواب على الأسئلة..
والمكان لحدٌ يلتقط عبورنا..
الألم مرصود.. ولا تميمة للبكّائين..
وحلٌ يشتم عري الماء..
وفي حلقي قطرة..
تتعطشُ الانسكاب..

شكراً.. شكراً..
والبقية تأتي..

مـــــداد
03/04/2009, 14:32
تعددت المزامير واللحن واحد

فالذي يمنحك مزمار هل لا يلمحك ابدا فيحثكَ على ان تقتني الزناد جلادا له ونفسك زنزانة الخيبة

تلك ليلة سوداء لنفس مجهولة, فابتهج . . . نفسك على الاقل لا تجهلك

مداد الانفس مداد الحياة

SelavI..
يا سيدي أهلاً بكَ على مائدتي الصغيرة..
اللون واحد ههنا.. والطعم واحد.. ولا شيء جديد تحت الشمس..
هي همهمات تنورست على هذه الصفحة.. فغدت.. أكثر بؤساً..

من الود.. لكَ ما يرضيك..

مـــــداد
13/05/2009, 19:39
(المزمور الثاني)..

جَارتي تُوقظ الباب عَويلاً ولا تكفُّ عن طرقهِ.. ترمي بحفنة منَ الكلامِ الكثير، أردُّ على ذلك الصوت المُتبعثر مِن أسفل الباب بحفنة مِن عَلَف الكلام لِتخرسَ بَعدها فتنسحبُ مُتواريةً بين الظلام كغانيةٍ تَخشى أن يَراها الناس في الضُّوء. أو كشيطانٍ على حافّة القدَر يُغني للصمت.. بصمتْ. ويحوكُ بصوته على نولِ الموتِ كفناً.. لي.

أمسكُ الناي وأرسلُ فيه موجات من الزفير الموبوء، ليعزفَ هو الآخر صوتَ البُكاء ويُرثي (إنانا) التي اغتصبها (شوكليتودا)، كما اغتصبَ الألم بَكارتي هذا المَسَاء.
صاحبُ الوجه الممهور بالتعاسة يلتقطُ عينه الساقطة من دموعهِ فيرى فيها نَافذة قد افترشت سَماءها سُحبُ حزنٍ سوداء ودخّان (سيجارٍ) من تبغٍ محليٍّ رديء.. يرمق فيها حروباً.. دماءً.. أشلاء.. آلام.. موتى.. جثث.. عفن.. مرض.. كوليرا.. عشيقة هاربة.. وجوه.. أجساد منسلخة.. منافقين.. خونة.. مشانق..

أرمي بالناي نحو المدفأة ليشتعل هو الآخر فوق مدفن الصور، ونظراتي تتسلق تلك الصور. تُمطر عيناي من جديد لعنات؛ لعنات استماتة وانهزام في آن واحد.. والنار تنهش طرائدها من الوجوه الموشومة. أُحصي ما تبقّى لديّ من أعضاء كي أطمئن عليها، أرتكب جريمة الأصابع فأتحسس ذنوبي المغتسلة بمطر الفجيعة الذي ما زال يندلق من سراديب ترشق القهر.. ويلتصق بي ظلّي كي لا أتوه عن بقايا قبري المنبوش المليء قيحاً.. وجراحاً متخثرة.. آه كم أودّ لو أذوب وأنعدم كهلام في هيولى أسود ولا يبقى مني شيء للذاكرة.